ثالثاً: دخول الحركة الشعبية تحالف تأسيس شكل تحولاً كبيراً في مجريات الحرب، ويعكس توجهاتها الثابتة منذ بيانها السياسي في 31 يوليو 1983م، حيث طرحت نفسها كمشروع سياسي وعسكري لأبناء المناطق المهمشة تحت شعار تحرير السودان من “طغمة الخرطوم”. وإذا كان المقصود حالياً “تحالف البرجوازية البيروقراطية” فإن ثورة ديسمبر 2018م قد أسقطت جزءاً من هذه الواجهة، لكن الانقلاب على الفترة الانتقالية أعاد المشهد إلى الوراء.
كان من الأجدر بالحركة الشعبية أن تندمج في مسار التحول الديمقراطي بعد زيارة حمدوك إلى كاودا، وأن تساهم في تصفية الإرث الإنقاذي وحماية الانتقال. فمشاريع التقسيم لا تبدأ بالدبابات بل بالشعارات والرموز والخرائط التي تعيد تشكيل الهوية الوطنية على مستوى اللاوعي.
إن استمرار الرهان على السلاح في ظل الأجواء المعقدة بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021م وحرب 15 أبريل 2023م، سيزيد من تعقيد الأزمات. فالمشكلات الوطنية المزمنة التي أسس لها الاستعمار البريطاني ثم عمقتها سياسات ما بعد الاستقلال، خاصة سلطة الإنقاذ، خلقت حالة من التطور غير المتكافئ والتنمية غير المتوازنة.
اتجاه وطني جديد – الجبهة الشعبية العريضة:
إن سياسات حكم الفرد زادت من تعقيد الأزمات، ولجأت السلطة الإنقاذية عند فشلها إلى انقلاب 25 أكتوبر الذي توّج بحرب 15 أبريل، ما أدى لتدمير البنية التحتية والوحدة الوطنية. بعد هذه التجربة، لا بد من البحث عن إطار وطني جامع للحوار والتفاكر، والحل يكمن في جبهة شعبية عريضة تعالج الأزمة الشاملة عبر:
وقف العمليات العسكرية وإطلاق النار.
إدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة.
التحضير لمؤتمر دستوري يفتح العملية السياسية.
الرموز والانفصال التدريجي: أخطر مراحل التفتيت تبدأ بالأغاني الجديدة والخرائط الموازية واللغة الإعلامية التي تفكك الهوية الوطنية وتحوّل المظالم إلى أعلام، ما يمهد لانفصال فعلي قبل أن تنفصل الجغرافيا.
الخاتمة: الحل يكمن في إنتاج مشروع وطني جامع يتجاوز ثنائية (الضحية/الجلاد)، ويضع المواطنة والعدالة والتنمية المتوازنة كأركان للدولة القادمة، عبر جبهة شعبية عريضة لا تكتفي بالشعار، بل تبني آلية عمل تقوم على:
مؤتمر وطني يشمل الجميع بعد نزع السلاح.
إصلاح دستوري يعترف بالتعددية ويحفظ الوحدة.
صندوق لتنمية الأقاليم بتمويل من عوائد الموارد الطبيعية.
أغسطس 2025م.

Leave a Reply