
طلب حكومة بورتسودان وقف عمل بعثة تقصي الحقائق تحايل للإفلات من تدابير المساءلة وتحقيق العدالة
#كمال سر الختم_لندن
عبر وزير العدل عن رغبة حكومة بورتسودان في إنهاء بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق، التي شكلها مجلس حقوق الإنسان في 11 أكتوبر 2023 بعد تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان وارتكاب جرائم خطيرة بعد اندلاع الحرب بين القوات المسلحة وحلفاؤها من جهة وقوات الدعم السريع يوم 15 أبريل 2023.
وحدد القرار المنشئ للبعثة مهامها، بدقة وتفصيل، يمكن تلخيصها في الخمس مسؤوليات الأساسية كما جاء في التحديث الشفوي للبعثة في الدورة 59 لمجلس حقوق الإنسان وهي:
التحقيق في الانتهاكات وأسبابها الجذرية، جمع وحفظ الأدلة، تحديد الأفراد والجهات المسؤولة عن الانتهاكات، التعاون مع الهيئات القضائية وغيرها من الجهات حسب الضرورة وخامسًا تقديم التوصيات، لاسيما المتعلقة بتدابير المساءلة ودعم الضحايا.
“الهدف” تحاور المستشار القانوني والمتخصص في قضايا حقوق الإنسان والمحاكم الجنائية الدولية مولانا أبوبكر عبد الله آدم، لعمل إضاءات حول القرار وعمل لجنة تقصي الحقائق، ودوافع رفض حكومة بورتسودان استمرار عمل اللجنة ومحاولة وضع العراقيل أمام مهامها في إنصاف الضحايا من خلال كشف الحقائق المتعلقة بالجرائم المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان.
مولانا أبوبكر لا يمكن فهم تعبير وزير العدل عن رغبة حكومته بإنهاء مهام البعثة إلا من زاوية أهمية مانديت البعثة والخطوات العملية الهامة، التي قطعتها خلال عمرها، الذي لم يصل بعد للعامين، بل هو تحديدًا أربع وتسعون أسبوعًا، لفهم لماذا ترفض حكومة بورتسودان عمل البعثة وما هي مهامها أصلًا وإنجازاتها؟
ضرورة المساءلة ودعم الضحايا:
# أبوبكر: لم تكن تصريحات وزير العدل هي التملل أو الخوف من عمل البعثة المهني والخوف من النتائح، التي قد تتوصل اليها وتكشف انتهاكات حكومته للقانون الدولي الإنساني وجرائم الحرب فحسب، لأن التململ بدأ من يوم 18 يناير 2024 عندما تم تعيين أعضاءها المستقلين الثلاثة بواسطة “فاكلاك باليك” رئيس مجلس حقوق الإنسان، عندما كشف في نفس اليوم، الذي تم فيه اختيار رئيس البعثة بتصريحه: ” لقد بدأت منظمات المجتمع المدني السودانية وأطراف أخرى في إعلامنا بادعاءات تتعلق بانتهاكات جسيمة ومستمرة …وهذه الادعات تؤكد علي أهمية المحاسبة، وضرورة تحقيقاتنا، والحاجة الملحة لإنهاء العنف فورًا”.
وأوضحت، مني ريشماوي، عضو البعثة أهداف البعثة بقولها ” للأطراف المتحاربة التزامات قانونية دولية لحماية المدنيين من الهجمات، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، والامتناع عن القتل، والتهجير القسري، والتعذيب، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري تحت أي ظرف”.
هذه رسائل واضحة وقوية أرسلتها البعثة منذ بداية تكوينها حول نيتها في محاسبة مرتكبي الجرائم الدولية الجسيمة، مع اهتمام خاص، بحماية الفئات الأكثر تعرضًا للانتهاكات حيث أشارت، “جوي إيزيلو”، العضو الثالث والأخير للبعثة في يوم تعيين أعضاءها بأن البعثة ستولي اهتمامًا خاصًا بالانتهاكات، التي تطال النساء والأطفال، لا سيما تلك المتعلقة بالعنف الجنسي. وأوضحت: ” تعتبر الادعاءات حول الاغتصاب، التي تستهدف بشكل رئيسي النساء والفتيات، وتجنيد الأطفال المزعوم في الأعمال العدائية من بين القضايا ذات الأولوية لتحقيقاتنا”
*تحديات العدالة وعرقلة عمل البعثة:*
هل يعني عمل البعثة في كشف الجرائم هو ما تتخوف منه حكومة بورتسودان؟
# أبوبكر: إن وضوح الرؤية والأهداف، الذي عبر عنه رئيس البعثة وأعضائها أثارت مخاوف مشروعة لحكومة الأمر الواقع كما هو واضح من ردود أفعال بعض المعبريين عن مواقفها السياسية في الشهور الأولي من تكوينها حتى قبل تقديمها لأي تحديث شفاهي أو تقرير شامل لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة المنشأ لها أو تقديم نتائج تحقيقتها للجمعية العمومية للأمم المتحدة وفقًا للمهام المحددة لها في قرار إنشائها يوم 11 أكتوبر 2023.
يمكن ذكر بعض الأمثلة من تصريحات رسمية من حكومة الأمر الواقع، دون ذكر تصريحات ناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، رغم أهمية تأثيرهم في التعبئة ضد البعثة ولكن ضحالة خطابهم تخرجه عن دائرة اهتمامنا. من الأمثلة :
في يوم 8 سبتمبر 2024 رفضت الحكومة عمل البعثة بتصريح رسمي.
في يوم 10 أكتوبر 2024 تصريحات وزير العدل يرفض تقرير البعثة وتتهمها بالتسييس.
وفي يوليو 2025، صرح وزير خارجية الأمر الواقع ببورسودان، برفض الاستمرار التعاون مع عمل البعثة.
إن هذه التصريحات، التي نشرتها وسائل الإعلام، تكشف أن حكومة الأمر الواقع في بورتسودان لم تكن راغبة أو قابلة لأي تحقيق على الجرائم، التي وقعت منذ منذ اندلاع هذه الحرب اللعينة. حتى عندما كان الرأي العام، الوطني والدولي، تركز بشكل أساسي على قوات الدعم الس-ريع باعتبارها المسؤول الأساسي عن الانتهاكات، رفضت حكومة الأمر الواقع في بورتسودان عن قيام أي تحقيق دولي حولها رغم قبول قوات الدعم الس-ريع بذلك حسب ما ورد أعلاه في النقطة المتعلقة بردود الأفعال حول بعثة التحقيق الدولي.
Leave a Reply