
د. أحمد بابكر
#ملف_الهدف_الثقافي
تُعَدّ الحكاية والقصة واحدة من أدوات الإسلاميين الإعلامية القوية في الإلهاء وتبنِّي سردياتهم. لو لاحظتم، أقوى كوادر الكيزان الإعلامية هم الذين يمتلكون قدرات في الحكي واجترار القصص. والمُلاحظ أكثر أن كل هذه القصص والحكايات مرتبطة بالحروب، ولا توجد أي قصص مرتبطة بقضايا البناء والعمران أو الإنجاز على مستوى التعليم أو الصحة. كل بطولاتهم تدور حول الحروب. بل إن أكبر برنامج تعبوي، “ساحات الفداء”، كان يعتمد بشكل أساسي على تأليف القصص والحكايات.
في هذه الأيام، أعادوا تقديم شخص موجود حاليًا في تركيا، يسير على ذات النهج، ويتحدث عن “بطولاتهم” في الحرب، وكيف أن المجاهد فلان استطاع بأربع رصاصات فقط تدمير سبع عربات محمّلة بمدافع ثنائية! ولا بد أن يكون أيضًا صائمًا…
نحن شعب يحب القصص والحكايات والحواديت، كما يقول المصريون، وخاصة في الريف. وأغلب مدننا في الأصل مدن ريفية، لذلك هذا النوع من الخطاب يجد رواجًا وتأثيرًا.
وهذا الأمر له جذوره الثقافية والاجتماعية؛ فكل القبائل لديها إرث وأبطال وقصص، أحيانًا يُبالغ فيها قليلًا، لكنها تظل جزءًا من أدوات التمسك بالقبيلة، عبر عملية الاعتزاز والأفضلية.
لكن أن ينسحب هذا النهج على تنظيم حكم الدولة السودانية منذ عام 1989 حتى الآن، دون أي سرديات عن إنجازات سوى الحروب، وكيف قتلنا “المتمردين”…
المُلاحظ أن كل هذه الحروب يُقتَل فيها سودانيون فقط. يعني لا توجد “بطولات” لاسترجاع حلايب أو شلاتين أو الفشقة أو غيرها. إلى متى سيظل المواطن سجينًا في قصص وبطولات حروب السودانيين ضد السودانيين؟ وهل كل امتيازك هو قدرتك في الحروب فقط؟
لكن، يا جماعة، الناس ديل كضابين كضب!
Leave a Reply