
بقلم: وائل عبدالخالق مالك
حروب الجيل الخامس هي صراع معلومات وإدراك معقد، لا تبدأ بإعادة الهندسة الاجتماعية ولا تنتهي عند التضليل واستخدام التقدم التكنولوجي فحسب، بل يتدفق الكثير من التطورات بين هذين المحطتين.
إن ما استخدمته إسرائيل لضرب إيران لم يكن مجرد أسلحة استراتيجية موجهة بدقة، بل كان مزيجًا ذكيًا من أدوات حروب الجيل الخامس، خططت له ببراعة ودقة افتقدها النظام الإيراني بشدة.
تكشف هجمات إسرائيل وأهدافها التي نُفذت بهذه الدقة مدى التقدم والتطور الهائل الذي يشهده العالم من حولنا، وفي المقابل، مدى تخلفنا حتى في قراءتنا وتحليلنا للأحداث، ناهيك عن إدراكها أو حتى محاولة الدفاع ضدها.
الفجوة بيننا وبينهم ليست فقط في التقدم العلمي والتكنولوجي، ولا في تعظيم البحث والابتكار، أو حتى في امتلاك الأدوات الحديثة. إنها فجوة عميقة بين تعظيم العقل والإنسان وبين التجهيل والتعنت.
ما بيننا وبينهم بون شاسع: بون شاسع في التخطيط والإدارة، وبون شاسع في النظم والمعرفة. فأنظمتنا لا تجيد سوى تجهيل وقمع شعوبها، ولا تهتم إلا بالصراع وهدم الآخر بدلاً عن البناء.
إيران ليست إلا نموذجًا لأنظمتنا الاجتماعية والسياسية؛ نمور من ورق. إنها حالة تنطبق على جميع الأنظمة العقائدية، وحالة من الانفصال عن الواقع لا تقود إلا إلى دمار الدول وتشريد الشعوب.
ونحن السودانيون يجب أن نكون خير من يدرك ذلك. فما فعله بنا نظام “الكيزان” والإخوان المسلمين كتنظيم عقائدي هو خير دليل وبرهان على كيفية تحويل الدول والشعوب من النقيض إلى النقيض. كانت هذه مأساتنا ولا زالت تداعياتها ماثلة في الحرب التي تدور رحاها منذ ما يزيد عن عامين بقليل.
Leave a Reply