د.عصام علي حسين، عضو اللجنة الاقتصادية لحزب البعث العربي الاشتراكي، قطر السودان لـ”الملف الاقتصادي” (2)

صحيفة الهدف

اقتصاد الحرب مرفوض، يجب تحويل ميزانية الدولة إلى ميزانية إنتاجية بدلًا من تمويل الصراع
تعزيز الصمـــود الاقتصـــادي يتطلب إصلاحات هيكليــــة، واستقـــرار الاقتصـــاد الكلي عبر سياســات مالية ونقدية سليمة
خطة إعادة الإعمار تبدأ بتلبية الاحتياجات الإنسانية الطارئة، وتمتد لإعادة تأهيل البنية التحتية ودعم الاقتصاد المحلي
التعافي الاقتصادي لن يتحقق
إلا بوقف الحرب، واستعادة مؤسسات الدولة، وإعادة الثقة في بيئة الاستثمار الوطني
حوار : طارق عبد اللطيف أبو عكرمة

ما هي آليات تعزيز الصمود الاقتصادي المحلي في المناطق غير المتأثرة مباشرة بالحرب؟
– تتضمن آليات تعزيز الصمود الاقتصادي إصلاحات هيكلية، وتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي من خلال السياسات المالية والنقدية السليمة، والاستثمار في البنية التحتية، خاصة الطاقة المتجددة لدعم الاستدامة وتوفير طاقة مستقرة. إضافة إلى ذلك، فإن توفير التمويل، خصوصًا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز التعاون الخارجي، وتحسين الحوكمة الاقتصادية، ورفع كفاءة الأجهزة الرقابية، وتعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد، وتطوير السياسات الاقتصادية، ووضع خطط إستراتيجية متكاملة للتنمية، وتوفير البيانات والمعلومات اللازمة للتخطيط والتنفيذ الفعال.. كلها عناصر أساسية، وغيرها مما لا يسع المجال لذكره.
كيف يمكن إدارة الموارد الطبيعية (ذهب، نفط، موارد زراعية) في ظل الأوضاع الراهنة؟
– إدارة الموارد الطبيعية هي الإطار التنظيمي والمبادئ التوجيهية التي تضعها الحكومات والمؤسسات لاستخدام وحماية الموارد الطبيعية (مثل المياه، الأراضي، الغابات، المعادن) بشكل مستدام. وتهدف هذه السياسات إلى تحقيق توازن بين تلبية احتياجات الجيل الحالي وضمان المحافظة على الموارد للأجيال القادمة، وذلك عبر التنظيم البيئي، والتنمية المستدامة، والحفاظ على التنوع البيولوجي، ورفع الوعي العام، وتنفيذ تشريعات فعالة، والاستفادة من عوائد هذه الموارد في إقامة مشاريع تنموية يستفيد من ريعها الأجيال القادمة.
ما هو موقف الحزب من اقتصاد الحرب والتهريب والفساد المستشري؟
– إذا كان المقصود باقتصاد الحرب هو مجموعة إجراءات الطوارئ التي تتخذها الدولة لتعبئة اقتصادها لتمويل الحرب، فهذا أمر مرفوض. فقد ظل حزبنا يؤكد دومًا على ضرورة إيقاف الحرب دون قيد أو شرط، وحشد الموارد الاقتصادية لإعادة الإعمار وتأهيل البنية التحتية التي دمرتها الحرب، وتحويل ميزانية الدولة إلى ميزانية إنتاج بدلًا من ميزانية حرب.
أما فيما يتعلق بالتهريب والفساد، فيجب إنشاء نقاط مراقبة حدودية جديدة في المناطق الأكثر هشاشة، وتزويد المعابر الحدودية بأجهزة مسح متطورة لكشف المواد المهربة، ونشر طائرات مسيّرة لمراقبة الطرق البرية، وتدريب عناصر الشرطة والجمارك على التدخل السريع ومطاردة المهربين في المناطق ذات التضاريس الصعبة. كما يجب إنشاء نظام وطني موحد لمراقبة حركة البضائع عبر الحدود، مرتبط بموانئ البحر الأحمر والمطارات والمعابر، وإدخال برامج الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط التجارة غير المشروعة وتوقّع محاولات التهريب، وتفعيل القوانين وتطبيق عقوبات رادعة على المهربين والداعمين لهم.
كيف يمكن حماية ثروات السودان من النهب والاستنزاف أثناء الصراع؟
– للأسف، في ظل الحرب أصبحت عوائد الموارد والثروات مصدرًا لتمويل القتال وتأجيج الفتنة بين أبناء الوطن وشراء الذمم. لذلك، فإن حماية هذه الثروات تتطلب أولًا تعزيز الوعي بأهميتها ودورها في تطوير البلاد وتحقيق رفاهية الشعب، مع ضرورة تنظيم الاستخدام الأمثل لها وعدم هدرها، وسنّ وتطبيق القوانين الصارمة، وتفعيل وسائل الرقابة على استغلالها، ومكافحة الفساد خصوصًا التهريب، إضافة إلى ترشيد الاستهلاك ومنع التبديد.
ما هي ملامح خطة إعادة الإعمار الاقتصادي التي يتبناها الحزب؟
– تتضمن خطة إعادة إعمار السودان التي يتبناها حزب البعث العربي الاشتراكي أهدافًا متدرجة، تركز في مرحلتها الأولى على الاستجابة العاجلة للاحتياجات الإنسانية، مثل توفير الإيواء والغذاء والدعم النفسي. وتشمل الخطط الأوسع إعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية كالطرق والجسور وشبكات الكهرباء والمياه، ودعم الاقتصاد عبر المشروعات الصغيرة والتمويل الأصغر، وإعادة بناء قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة. كما تسعى الخطة إلى إعادة الاندماج الاجتماعي والعودة الطوعية للنازحين، مع التركيز على الاستدامة والتنسيق بين الجهات المحلية والإقليمية.
كيف يمكن بناء نظام اقتصادي أكثر عدالة واستدامة بعد انتهاء الحرب؟
– تتطلب العدالة وجود نظام ديمقراطي يكفل الحقوق الأساسية للمواطن، ويضع قوانين وسياسات تضمن المساواة والعدالة وتشجع الشفافية والحوار المفتوح بين الأفراد والمؤسسات. ويتطلب تحقيق العدالة الاقتصادية توفير فرص متكافئة للجميع، وتوزيعًا عادلًا للثروة والدخل، وضمان شبكات أمان اجتماعي لحماية الفئات الأكثر ضعفًا. كما يشمل ذلك وضع سياسات ضريبية تصاعدية، وإعادة توزيع الإنفاق العام بما يضمن توزيعًا أكثر عدالة، ودعم قطاعات مثل التعليم والصحة، وتحسين مناخ الأعمال، وتشجيع الاستثمار، وبناء مؤسسات قوية وفعالة تلتزم بالشفافية وتراقب تطبيق السياسات الاقتصادية بدقة.
ما دور الحزب في تحقيق التكامل الاقتصادي بين شمال السودان وجنوبه؟
– يرى الحزب أن التكامل الاقتصادي بين شمال السودان وجنوبه يعتمد على مقومات أساسية، أهمها تنوع الموارد والأسواق الكبيرة. ويتمثل الهدف في إنشاء منطقة تجارة حرة، وتعزيز التعاون في الاستثمارات والسياسات الاقتصادية والنقل، إضافة إلى تنمية الموارد البشرية، بهدف توليد الدخل وخلق فرص العمل، وتجاوز التحديات الاقتصادية العالمية، وبناء تكتلات اقتصادية من خلال اتفاقيات التجارة الحرة وإزالة الحواجز التجارية وتشجيع الاستثمار البيني، وتسهيل تدفق رؤوس الأموال وتبادل التكنولوجيا، وإنشاء هيئات مشتركة لتنسيق السياسات النقدية، وتطوير شبكات النقل والمواصلات بين الدولتين لربطها ببعضها.
==

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.