من المدهش ان تدعو إمراة لهتك عرض نساء اخريات

صحيفة الهدف

د. ستنا بشير

نشر في الميديا مقطع فيديو لمجندة من قوات الدعـ.ـم السـ.ـريع وهي تخاطب طابورا عسكريا، بينهم نساء، وتهنئهم بدخول الفاشر، وقبلها بارا وبابنوسة.

وقالت أنهن، كنساء، يشعرن بالأمان لأن قوات الدعـ.ـم السـ.ـريع تحمي ظهرهن، وأنها ترى النصر في وجوههم وهم داخل أم درمان وشرق النيل. أما بورتسودان، فتريد لهم أن (يقعوا البحر بس وياكلهم السمك). وختمت بشاراتها لهم بدخول الشمالية، حيث قالت: (الشمالية دي انتو حتمشوا عشان بناتها بس! عشان تنضفوا ليهم سلالتهم ويجيبوا رجال كراب زيكم كده!).

ما أوردته المجندة، تحريض ودعوة صريحة لقوات الدعـ.ـم السـ.ـريع لهـ.ـتك عرض بنات الشمالية! المدهش أن تدعو إمراة لهـ.ـتك عرض نساء أخريات وعلى الهواء مباشرة! هل أمِنت على نفسها لهذه الدرجة، بينما قد تنقلب الأدوار، وتجد نفسها في دور الضحية! فهل ترضاها لنفسها؟

هذه الحـ.ـرب كشفت هشاشة المنظومة القيمية والأخلاقية لكثير من المنخرطين في القـ.ـتال وسط أطراف الحـ.ـرب وداعميها، وفضحت تناقاضات مفاهيمية عجيبة، موغلة في السوء بالجهر بها دون خشية.

سؤال آخر تطرحه الدعوة التحريضية لهذه المجندة؛ هل تمثل قــوات الدعـ.ـم السـ.ـريع التي تخاطبها (الرجالة) في نظرها؟

إذ لا توجد علاقة بين قيم الرجولة وما تمارسه وتفعله هذه القوات عند اجتياح المدن والبلدات والقرى، والتي تحرضها لمزيد من الأيغال بها كحافز ومكافأة. الرجولة الحقة هي احترام النساء وحمايتهن والذود عنهن، وليس العكس.

الرجولة هي القيم التي دعا لها الدين والأخلاق والموروثات السودانية ومكونات الشخصية، من حماية الضعيف ونجدة المظلوم، وتوقير الكبير ورحمة الصغير، ومراعاة حرمات الآخرين، ووو.. الخ.

والسوال الأهم، هل تحتاج قوات الدعـ.ـم السـ. ـريع إلى تحريض، بينما منهجها هو الوحشية في ممارسة القــتل والنـ.ـهب والانـ.ـتهاكات، والجهر بها على رؤوس الأشهاد، وكأنهم يتفاخرون بها؟ ثم تخرج قياداتها وتدّعي أن ما يحدث من انتـ.ـهاكات هو سلوك فردي، وسيتم محاسبة المتفلتين، وكأن ما تحرض به مجندتهم جهارًا، وما فعله ابو لولو بإعدام وتصفية المدنيين في الفاشر وبارا، لم يحدث من قبل!

أين الموصوفون بالقيادات من ذلك القائد التاريخي، وهو يمشي راجلاً، يحث قائد جيشه قائلاً: ( لا تهدموا بيتًا، لا تقطعوا شجرة، لا تقـ.ـتلوا شيخًا او أمرأة او طفلاً، لا تهينوا عزيز قوم)؟

كوّن المخلوع البشير هذه القوات، لتدعمه في الحـ.ـرب التي وسعت توجهات نظامه بنقلها إلى دارفور في مواجهة الفصائل المسلحة. وكان الجيش يُسقط البراميل المتـ.ـفجرة بالطائرات على المواطنين الآمنين في قراهم؛ لتدخل بعدها قوات الدعـ.ـم السـ.ـرريع فتـ.ـقتل وتنـ.ـتهك وتحـ.ـرق وتعوث فسادًا. ومن شدة فخر البشير بحميدتي، سماه “حمايتي”، ومنحه جبل عامر الغني بالمعادن، ومنحه كامل الصلاحيات، ووضعه فوق قيادات الجيش وموازيًا له.

وبعد سقوط الإنقاذ بانتفاضة ديسمبر في أبريل 2019، وإعلان البرهان وحميدتي الانحياز لانتفاضة ديسمبر، الذي برهنت الأيام والمواقف لا مبدئيته؛ نصب البرهان حميدتي نائبًا له في مجلس سيادة الفترة الانتقالية، وعدّل القانون الذى أجازه برلمان المتأسلمين ليتمتع باستقلالية عسكرية ومالية وعلاقات خارجية. واستثمر في قوات الدعـ.ـم السـ.ـريع  عمليًا بتخريج مزيد من الدفعات، وإصدار القوانين التي أطلقت يدها، ومكنّها من إقامة علاقات دولية، حتى قويت شوكتها، وأصبحت جيشًا موازيًا. وعندما انقلبا على الفترة الانتقالية، فشل الانقلاب، واشتد التنافس بينهما حول الحكم والموارد والثروات والاستقواء بالعدو الصهيوني، حتى أشعلا الحـ.ـرب، التي يدفع ثمنها السودان، شعبًا وأرضًا. وما زالت قوات الدعـ.ـم السـ.ـرريع تمعن في ممارسة نفس النهج، خلال الحـ.ـرب المستمرة حتى اليوم؛ واقرب مثال ما حدث في مدينة الفاشر الأسبوع الماضي، وقبله في نيالا والخرطوم وقرى الجزيرة وكردفان، مؤكدين بذلك أن (من شب على شئ شاب عليه).

الانتـ.ـهاكات والتحفيز العلني على ممارستها، والذي يتعارض مع الفطرة السوية، وحدها تنهض شاهدًا من أهلها، على جزافية شعارات الحرب المرفوعة، واستهلاكية وخطل (التأسيس).

ففاقد الشئ لا يعطيه.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.