قطاع الكهرباء في السودان.. ضحية السياسات الخاطئة وانفصال الجنوب

صحيفة الهدف

الرشيد حسب الرسول
تتمثل أزمة قطاع الكهرباء في ضعف البنية التحتية للقطاع، والتي لا تتناسب مع الطلب المتنامي على الطاقة الكهربائية، وهو ما يؤثر سلباً على إحداث أي نهضة تنموية يمكن أن تشهدها البلاد. ويُضاف إلى ذلك أن أكثر من 68% من السكان لا يتمتعون بالطاقة الكهربائية، حيث يتركز الإمداد بالطاقة في المناطق الحضرية، مما يمثل تعقيداً آخر مرتبطاً بتعميق التباين التنموي بين أقاليم السودان المختلفة. وهو الوضع الذي ورثته البلاد واستمرت في تعميقه الحكومات المتعاقبة بسبب السياسات الخاطئة التي لم ترتبط في كثير من الأحيان بالمصالح العليا للوطن.

كذلك يعاني أكثر من 2.7 مليون من السكان الذين يتمتعون بإمداد كهربائي من ساعات طويلة لانقطاع التيار الكهربائي، وهو ما يعطل عملية الإنتاج الصناعي، والمستشفيات، والتعليم، والخدمات الأساسية. ويرجع ذلك إلى أن القدرة المولدة لا تغطي، خصوصاً في أوقات الذروة، أكثر من 60% من الطلب على الكهرباء، حيث بلغ العجز حتى عام 2020م 1150 ميغاواط (MW).

السنوات من 1989م – 2019م:
لم تستطع حكومة الإنقاذ خلال سنواتها الأولى تنفيذ أي من مشاريع الطاقة بسبب العزلة والحصار الاقتصادي، إذ وُضع السودان منذ عام 1993م على لائحة الدول الراعية للإرهاب، وفي عام 1994م اعتُبر غير مستحق لأي تمويل من المؤسسات الدولية نسبةً للمتأخرات المتراكمة من الدين الخارجي، والذي بلغ 58 مليار دولار في عام 2018م، تمثل المتأخرات منها 84% من أصل الدين.

مع اكتشاف البترول فيما عُرف بـ:”سنوات النفط” (1999م -2011م)، توفرت الضمانات للجهات الممولة، وبدأت الشركات الأجنبية، وخاصة الشركات الصينية، في الاستثمار بمجالات الطاقة، ومن بينها قطاع الكهرباء.

بنت الهيئة القومية للكهرباء استراتيجياتها في تلك الفترة بدايةً من الخطة الأولى للأعوام 1999م – 2004م، والتي هدفت، بحسب تصريح مدير الهيئة القومية للكهرباء في ورشة لجنة الطاقة بالمجلس الوطني عام 2006م، إلى الخروج بإنتاج الكهرباء من مرحلة الأزمة عبر الإصلاح الإداري وتدريب الكادر في مجالات التوليد والتوزيع، وقد حققت تلك الخطة هدفها الرئيسي في عام 2003م.

أما الخطة الثانية للأعوام 2006م – 2011م فهدفت إلى خروج الهيئة من كونها وحدة حكومية تتلقى دعماً سنوياً يبلغ 248 مليار جنيه، وذلك عبر إنشاء وحدات توليد رخيصة التكلفة سواء من التوليد المائي أو باستخدام الجازولين ومشتقات البترول الرخيصة كالفيرنس والفحم البترولي. وبنهاية الخطة التي بلغت تكلفتها الإجمالية 6 مليارات دولار، كان من المتوقع أن تخرج الهيئة من نظام الدعم إلى نظام التحصيل الذاتي.

لكن لم تصل خطة الهيئة القومية لنهايتها، إذ جاء انفصال جنوب السودان عام 2011م لتفقد البلاد بعده 75% من إنتاجها النفطي و55% من عائداته المالية، وحوالي ثلثي عائدات النقد الأجنبي، مما عمّق أزمة القطاع بسبب الأزمة الاقتصادية وتدهور سعر الصرف، وجعل القطاع غير قادر على توفير الوقود اللازم لمحطات التوليد الحراري.

تستهلك هذه المحطات من أنواع الوقود المختلفة سنوياً:

  • 17,795 طن من الفحم البترولي

  • 16,308 طن من الجاز الثقيل

  • 22,429 طن من الديزل

  • 122,975 طن من الفيرنس

  • 273,848 طن من الجازولين

وفي عام 2016م دخلت محطة توليد كهرباء أم دباكر الخدمة، والتي تستهلك 18 ألف برميل من النفط الخام يومياً، وتُقدّر تكلفة الوقود المستهلك للقطاع سنوياً بنحو 1.3 مليار دولار.

وبسبب شُح النقد الأجنبي، لم يتمكن القطاع من توفير الأسيرات (قطع الغيار) اللازمة لإجراء عمليات الصيانة الدورية للمحطات وخطوط النقل.

يُضاف إلى ذلك الفساد المالي والإداري وسياسة التمكين التي انتهجها النظام، والتي أدت إلى مشكلات هيكلية وفنية في القطاع، إذ نفذت واجهات وشركات النظام المشاريع بأضعاف تكلفتها الحقيقية، مما ضيّع على البلاد فرص تطوير القطاع، وأورثها أعباء فوائد الديون المركبة. وحتى الصناديق العربية عطلت عمليات التمويل لتنفيذ عدد من المشاريع المستقبلية بسبب عدم قدرة حكومة السودان على سداد التزاماتها.

#قطاع_الكهرباء
#الطاقة_في_السودان
#الأزمة_الاقتصادية
#السياسات_الخاطئة
#انفصال_جنوب_السودان
#الفساد_المالي
#البنية_التحتية
#ملف_الهدف_الاقتصادي
#السودان
#الإعمار

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.