حوار: طارق عبد اللطيف أبو عكرمة
#الهدف_حوارات
في خضم الحرب الدائرة التي تهدد كيان الدولة السودانية، وتُعيد تشكيل خريطة الحكم والسلطة، يبرز نموذج الحكم المحلي كأحد أهم الآليات لضمان استمرارية الخدمات والحفاظ على التماسك الاجتماعي ما بعد وقف الحرب. أجرت “الهدف” حواراً مع الدكتور يوسف آدم الضي، وزير الحكم الاتحادي في حكومة الفترة الانتقالية، لاستشراف مستقبل الحكم المحلي في السودان، وتقييم أدائه خلال الأزمة الراهنة، واستكشاف آليات تفعيله من وحي التجربة ليكون حجر الزاوية في مرحلة ما بعد وقف الحرب وتحدياتها.
الثورة كانت فرصة لإصلاح الحكم المحلي… لكن الانقلاب قطع الطريق.
نظام الإنقاذ حوّل الحكم المحلي إلى أداة تمكين سياسي عبر التقسيم والتسيس.
الفترة الانتقالية أنجزت ثورة إدارية بقوانين الحكم الاتحادي، الحكم المحلي، الإدارة الأهلية، والضباط الإداريين.
أبرز الإخفاقات غياب المجلس التشريعي وتأجيل تعيين الولاة وحكومات الولايات
العلاقة مع لجان المقاومة تراوحت بين التعاون والتوجّس… والانقلاب بدّد فرص الدمج المؤسسي.
الولايات لم تحظَ بتمويل كافٍ… ووزارة المالية عطّلت الانتظام في العلاقة التمويلية
الحكم المحلي كان يحتاج إلى معالجة دستورية تؤطّر لاستقلاله واستدامته
الانقلاب في أكتوبر 2021 ضيّع أكبر فرصة لجعل الحكم المحلي ركيزة للاستقرار والتنمية.
—
كيف انعكست التركيبة الاجتماعية المعقدة للسودان (القبلية، الإثنية، الثقافية) على نماذج الحكم المحلي؟
مما لا شك فيه أن أخطر ما يكون عليه حال أي مجتمع هو أن يعجز النظام السياسي عن بناء أُطُر رضائية جامعة ومؤسسات وطنية مشتركة تنزع الأثر السلبي لظاهرة التعددية المجتمعية، وإلا طغت حالات الصراع على التعاون، والنزاع على التلاقي، والاحتراب على التعايش. ومع انتعاش ممارسة التمييز والاستغلال يجد الطرف الأضعف في ظل ضعف القانون وغياب المؤسسات الديمقراطية الركون إلى فئته الاجتماعية والاحتماء بها، فتنشأ حالة من التكتل الفئوي.
وهو ما حدث في التجربة السودانية؟
نعم.. فقد فشلت الدولة ونظمها في إدارة هذه التنوعات الاجتماعية ولم تقدر على تفهّم واحترام خصوصية هذه الجماعات، خاصة في ظل الأنظمة الشمولية القابضة واقتران ذلك بالمحاباة والتحيّز والاستقطاب. إلى جانب مجموعة من الفوارق الاجتماعية التي لا تراعي أوضاعهم الثقافية والإثنية وعاداتهم وتقاليدهم، والشعور بالحرمان والتهميش، مما يجعل كثيراً من الجماعات تُضمر ذكريات وجراحًا أليمة لم تُعالج، فتظل تُثيرها كلما اشتدت المظالم وتراكمت المشاكل.
لكن السودان متعدد ومتنوع بشكل كبير جداً؟
قضية التعدد والتنوع في بلد مثل السودان لا تُعد إشكالية في حد ذاتها، وإنما يمكن أن تُشكل عامل إثراء وإخصاب للمجتمع، هذا إذا استطعنا إدارة هذا التنوع في إطار الوحدة بالرعاية والسياسات التنموية والنهضوية التي تُزيل الفوارق وتؤسس لمجتمع المساواة والعدالة والسلم الأهلي.
كيف؟
كثير من الدول ذات الخصوصية في مجتمعاتها استطاعت أن تتعايش تحت السقف الوطني وتُقدّم نموذجًا للدول المتحضرة والمجتمعات المزدهرة. أما في المجتمع السوداني فهناك من يرى في هذا التنوع والتعدد معضلة وحالة معقدة في إمكانية توجيهها وتوظيفها لخدمة الوطن من كل موقعها، خاصة بعد أن دخلت حلبة الصراع السياسي وتسييس دورها الاجتماعي. ولكن المتتبع لما قبل سلطة الدولة المركزية يجد أن العلاقات الاجتماعية والأسرية منها أو القبلية قد تعايشت وتصاهرت وهي في حالة حراك مستمر وفي إطار البحث عن مصادر الاستقرار لاسيما الزراعة والرعي أو البحث عن الأمان، فتساكنت مع جماعات أخرى. وعندما وقع الاستعمار على بلادنا سعى إلى الاستفادة من هذه المكونات الاجتماعية ضمن سياسة الحكم المباشر لتحقيق أهدافه الاستعمارية؛ فقد سعى إلى تكوين إدارات أهلية (الشكل الأعلى للقبيلة) وإعطائها سلطات مالية وإدارية وقانونية، بل راهن عليها واعتبرها وحدة ثابتة قابلة للتعميم على باقي البلاد، إلا أن تصاعد الحركة الوطنية على الاستعمار جعل الإدارة البريطانية تتراجع عن ذلك وتُصدر قوانين للحكم المحلي وفق معايير نظام المجالس والاستقلالية المالية، ولكن مع ذلك ظلت هذه الإدارة الأهلية موجودة وتمارس دورها التقليدي مع تمثيلها في المجالس.
عليه طالما أن الواقع الاجتماعي واقع متغير، وذلك بفعل عوامل التطور والمشاركة، تنتقل هذه المجموعات نحو التدامج الوطني. ويأتي دور الحكم المحلي ليصبح ميدانًا وبوتقة لإسهام هذه المجتمعات وتقديم أفضل ما لديها بدلاً من اعتبارها حالة معقدة غير قادرة على التعايش والعطاء المشترك.
ما أبرز التحديات الهيكلية التي ورثتها الفترة الانتقالية في قطاع الحكم المحلي من نظام الحركة المتأسلمة وكيف تم التعامل معها؟
بطبيعة الحال فقد جاءت ثورة ديسمبر كتعبير عن فعل تراكمي ممتد منذ أن قطع نظام الجبهة القومية المتأسلمة التحول الديمقراطي بانقلابهم المشؤوم في يونيو 1989م، ومحاولاتهم تصفية أسس ومرتكزات الدولة السودانية والبناء على أنقاضها تجربتهم ومشروعهم السياسي الاجتماعي (المشروع الحضاري) الذي ابتلعته الدولة نتيجة لفسادهم وضعف الرؤية. فقد طالت هذه الإخفاقات هياكل وبنية الدولة ومؤسساتها؛ يظهر ذلك من خلال التخبط وسياسة التجريب خاصة حول نظم الحكم اللامركزي المحلي والإقليمي والفيدرالي؛ ففي خلال هذه المدة جرى وضع أو إلغاء أو تعديل لأكثر من أربعة قوانين في 1991 و1995 و1998 و2003، مما يعكس مدى المتاهة والإمعان في التخريب وافتقاد الرؤية رغم ادعائهم بأحد شعاراتهم (الإسلام هو الحل)، وما انعكس على التطبيق من مركزية صارمة إلى تسييس لهذه الأجهزة عبر سياسة الحزب الواحد ولجانه الشعبية وواجهاته الأخرى؛ أي احتكارية السلطة ومركزتها وتوظيفها لمصلحة مشروعها السياسي ومحاسيبها، وتبعية الوحدات الإدارية على نظام هرمي ظل فيه الحكم المحلي فاقدًا للشخصية الاعتبارية والاستقلالية المالية وغير قادر على إنجاز أي مهام على صعيد التنمية أو المشاركة الشعبية الفاعلة، علاوة على تقسيم البلاد إلى 26 ولاية و633 مجلساً محلياً في مرحلة من مراحل تطبيقاته كشفت عن تغيير كامل في المعايير المتعارف عليها في إنشاء المحليات ومجالسها عن طريق سياسة الترضيات القبلية والجهوية والانتخابية. على ضوء ذلك فقدت معظم هذه المحليات مقومات وجودها.
وما الذي حدث بعد ديسمبر؟
لإيقاف هذه التداعيات بعد انتصار الانتفاضة الثورية في أبريل 2019 وعمل الوثيقة الدستورية التي تضمنت الأهداف والأولويات، فقد كانت قضية التغيير في أجهزة الدولة ونظمها الإدارية واحدة من مستهدفاتها؛ فتم إلغاء الدستور السابق وبعض القوانين المقيدة للحريات والمعيقة للتطور، مع الإبقاء على بعض القوانين لحين إلغائها أو تعديلها ومن بينها قوانين الحكم اللا مركزي ومستويات الحكم فيها (الاتحادي والولائي والمحلي). وقد عملت وزارة الحكم الاتحادي على تجاوز ومعالجة هذه التحديات الهيكلية واستعادة الدور الفاعل لهذه المؤسسات عن طريق القوانين المحصنة لها.
كيف تُقيّمون أداء حكومة الفترة الانتقالية في ملف الحكم المحلي بشكل خاص؟ ما أبرز الإنجازات التي تحققت على الأرض؟
على الرغم من أسبقية بعض المهام في الوثيقة الدستورية أو في جدول الحكومة الانتقالية من سلام والقضية الاقتصادية ووضع السودان الدولي وإمكانية إزالة العقوبات الأمريكية والانفتاح على العالم… إلخ، إلا أن عملية إصلاح وتغيير ما جرى لهياكل الدولة من تخريب تعتبر القضية المحورية الأساسية التي تضع الدولة في مسارها الصحيح. وبمساعدة لجنة إزالة التمكين السياسي والإداري، جاء الاهتمام من خلال ترفيع ديوان الحكم المحلي إلى وزارة للحكم الاتحادي تضطلع بمهام إعادة هيكلة ودراسة أفضل النظم الإدارية لمرحلة الانتقال بالاستفادة من التراث السابق وتقويمه وتلافي دواعي الفشل والإخفاقات البنيوية التي وسمت النظم السابقة. فقد شرعت الوزارة، وفي وقت وجيز رغم مصاعب وتَرِكة النظام البائد، في إنجاز قانون تنظيم الحكم الاتحادي بعد اتباع نهج جديد في المداولات بالتعاون مع وزارة العدل والجهات ذات الصلة ومجموعة من الخبراء والمختصين في شؤون الحكم اللامركزي ومن الأقاليم واللجان الفنية المختصة؛ إلى أن تم إجازته من مجلس الوزراء والمصادقة عليه في اجتماع المجلسين. ونُشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 24/11/2020، بعد إلغاء قانون ديوان الحكم الاتحادي. وقد حدد هذا القانون مستويات الحكم اللامركزي في ثلاثة مستويات: اتحادي وولائي ومحلي، وتقسيم السلطات بينهم، وكيفية تكوين الحكومة الانتقالية بالولاية واختصاصات الوالي وسلطاته وشروط تعيين الوزراء بالولاية واختصاصاتهم، وتكوين المجلس التشريعي بالولاية واختصاصاته، ولأول مرة تم إنشاء المجلس الأعلى للحكم الاتحادي برئاسة رئيس الوزراء وعضوية الولاة وبعض الوزارات، ومن ثم تحديد موارد دخل الولاية والاختصاصات الحصرية للولاية والاختصاصات المشتركة مع الحكومة القومية.
كل ذلك باتأكيد احتاج إلى سند قانوني؟
نعم فقد تم إنجاز أربعة قوانين مهمة هي: قانون الحكم المحلي، وقانون الإدارة الأهلية، والقانون الموحد للضباط الإداريين. هذه القوانين كانت بمثابة ثورة إدارية توخّت فيها الوزارة تجاوز سلبيات الماضي من خلال طرح مسوداتها لأصحاب المصلحة والمختصين عبر منابر مفتوحة ومداولات في غاية الأهمية وثقّ لها الإعلام، وقد كانت نقلة نوعية استهدفت توسيع المشاركة الديمقراطية ومناقشة نوعية المشكلات وكيفية معالجتها من خلال استيعاب الثراء المجتمعي وخصوصياته. ولحماية الثورة وتحصينها تم إنجاز قانون أو لائحة للجان التغيير والخدمات، بعد أن تم إلغاء اللجان الشعبية الأذرع السياسية والأمنية للنظام البائد، وما رافق ذلك من إلغاء منصب المعتمد السياسي، وإعادة الدور للضابط الإداري.
ما أبرز الإخفاقات التي مهدت الطريق للانهيار اللاحق بانقلاب قوى الردة والفلول؟
الفشل والإخفاقات التي عطلت مسار التغيير فهي في عدم استكمال هياكل الحكم الرئيسية من المجلس التشريعي، وتعيين الولاة وحكومات الولايات، والمحكمة الدستورية وغيرها، وإرجاء تكوينها لما بعد السلام الذي كان يجري التفاوض فيه في جوبا، الأمر الذي أحدث خللًا كبيرًا في جسد الثورة واستكمال مهام التغيير والديمقراطية.
كيف كانت طبيعة العلاقة بين وزارتك والمجالس المحلية من ناحية، ولجان المقاومة من ناحية أخرى؟ هل كان هناك تعاون أم صراع على النفوذ والشرعية؟
بالنسبة للمجالس المحلية على الرغم من وضعيتها المستقلة في قانون الحكم المحلي بما تمثله من المشاركة الديمقراطية لقوى الثورة عبر اللجان المختلفة ودورها في البناء والتنمية وتجبية الموارد المالية، إلا أنها لم تَرَ النور نتيجة للتغيرات التي حصلت بعد التوقيع على اتفاقية جوبا للسلام واعتماد النظام الفيدرالي والحكم الإقليمي في البلاد، على أن يعالج موضوع العودة للأقاليم الثمانية بعد معالجة وضعية ولاية غرب كردفان وبعض الهياكل الإدارية في مؤتمر الحكم والإدارة، إلا أن هذا المؤتمر لم ينعقد في المدة المحددة في مصفوفة التنفيذ، وغيرها من البنود مما أربك عمليات التنفيذ والقفز إلى الأخرى مثلما جرى من تعيين (حاكم) لدارفور بمرسوم قبل تعديل قانون تنظيم الحكم الاتحادي، وكذلك حاكم للنيل الأزرق قبل معرفة حدود هذا الإقليم، والأخطر من ذلك كله هو في احتفاظ الحركات المسلحة بجيوشها داخل العاصمة القومية مع مناصب سيادية ودستورية قبل تنفيذ عمليات الدمج والتسريح والاستيعاب لهذه القوات كأولوية؛ وهذا واحد من الأخطاء القاتلة التي أدت لهذه النكسة. لهذه الأسباب تعطل قانون الحكم المحلي ومجالسه.
ولجان المقاومة؟
أما عن لجان المقاومة والقوى الشبابية عمومًا فكان لظهورها كقوى حية وطلائع لثورة ديسمبر 2018م الدور الفاعل والحاسم في سقوط نظام الحركة المتأسلمة، وقد أثبتت وجودها من خلال تنظيم فعالياتها والتعبئة والحشد الجماهيري إلى العمل على تأمين وحراسة الثورة ومراقبة وضبط الأداء الحكومي. يشير التعداد السكاني لعام 2008م إلى أن نسبة الشباب من الجنسين من مجمل السكان تصل إلى ما يفوق 40%، إلا أن هذه النسبة لا تجد صدى أو تمثيلًا لها في هياكل ومؤسسات الدولة؛ ولذلك جاء موضوع تمثيل الشباب في أجهزة الحكم المحلي بنسب متفق عليها في المجالس المحلية وفي البرلمان القومي كالتزام ثوري تمليه ضرورات التغيير والحفاظ على مكتسبات الثورة وتعزيز مفهوم المشاركة الشعبية القاعدية من خلال مجالس الحكم المحلي. كما هدفت الوزارة من خلال قانون لجان الخدمات والتغيير إلى جعل هذه التنظيمات الشبابية بمثابة الحاضنة السياسية لها، إلا أن هذه التنظيمات الأفقية تفاوتت في الاستجابة للعمل داخل هذه الوحدات الإدارية وهذه اللجان، ما بين من نظر إليها كآلية (للتذويب) مما فتح الطريق أمام القوى المضادة للتسلل داخل بعض اللجان، وبين من تفهم دورها الأساسي في هذه المرحلة.
عمومًا فقد جرى تفهم للدور الذي يمكن أن تلعبه لجان الخدمات في توطين وحماية الثورة، لكن الانقلاب قطع الطريق أمام تكملة إنجاز مهام الانتقال.
هل حظيت الولايات والمحليات بتمويل كافٍ وصلاحيات حقيقية خلال الفترة الانتقالية، أم استمرت هيمنة المركز و”الحكومة الاتحادية” في الخرطوم على مقدرات الأمور؟
لقد ورثت حكومة الفترة الانتقالية خزينة خاوية وبلدًا تعرض للنهب المنظم والفساد الذي أظهرته لجنة التفكيك، والعقوبات الاقتصادية والدين الخارجي الذي بلغ بفوائده 60 مليار دولار، علاوة على ما صُرف على جائحة كورونا، ومطالب المواطنين في توفير الخدمات الأساسية، مما أعطى الأولوية للخطط والبرامج الاقتصادية التي تعالج هذه الاختلالات. ومع ذلك تم الاهتمام بسياسة التمويل الرأسي والأفقي للأقاليم من خلال وضعها في صلب القوانين المحددة لذلك التوجه، وهو ما عالجه قانون تنظيم الحكم الاتحادي من خلال تحديد الموارد المالية للولايات ومن خلال الموازنات السنوية، لكن موضوع السلام والالتزامات المالية تجاهه وسياسة وزارة المالية في هذه المرحلة لم تُظهر طبيعة هذه العلاقة التمويلية بالشكل المناسب والمنسَّب.
أحد المهام الأساسية للفترة الانتقالية كان إعداد دستور دائم. إلى أي درجة تم إيلاء موضوع الحكم المحلي واللامركزية الاهتمام الكافي في مشاورات الدستور؟ وهل كان هناك نموذج واضح متفق عليه؟
مرحلة مناقشة الدستور الدائم كانت مرهونة باستكمال مؤسسات الفترة الانتقالية وأهمها المجلس التشريعي، ولعدم تحقيق ذلك استمر العمل بالوثيقة الدستورية، والتي حددت مستويات الحكم الثلاثة والتي من بينها الحكم المحلي. وانطلاقًا من ذلك أعدت وزارة الحكم الاتحادي قانون الحكم المحلي كما أسلفت وفقًا للمعايير المتعارف عليها من سلطات متميزة ومستقلة ضمن رقعة جغرافية محددة وتمويل كافٍ لمجابهة متطلبات التنمية ومجالس منتخبة لتحقيق المشاركة الشعبية في التخطيط التنموي والتنفيذ… إلخ. لكن بطبيعة الحال كان موضوع الحكم المحلي من القضايا الملحّة في معادلة أزمة النظام السياسي والإداري التي لازمت سنوات الحكم المركزي والصراع حول السلطة، لذلك كان يحتاج إلى معالجة دستورية تؤطِّر أسس ومرتكزات بقاء هذه الوحدات الهامة للدولة.
برأيك هل تعتبر الفترة الانتقالية فرصة ضائعة لإصلاح نظام الحكم المحلي وجعله ركيزة للديمقراطية والتغيير والاستقرار؟ وما هو أكبر خطأ ارتكب في هذا الملف؟
فعلًا كانت فرصة ضائعة لإصلاح وهيكلة نظام الحكم المحلي الذي يعتبر قاعدة للحكم ومختبرًا للمشاركة والتطوير وتحقيق الاستقرار من خلال القضاء على أسباب النزاعات والتنمية غير المتوازنة والتمثيل الديمقراطي في المجالس المحلية التي تخلق التجانس بعيدًا عن سياسة الهيمنة والتبعية. وضياع الفرصة جاء نتيجة طبيعية لاحتدام الصراع بين قوى الثورة والقوى المضادة أو قوى الردة، والذي انتهى بـالانقلاب على الثورة في 25/10/2021، لتدخل البلاد في دوامة جديدة من العنف المستمر وهدر الموارد وضياع الفرص.
لقد كان الأمل معقوداً على الثورة وما طرحته من شعارات للتغيير أن يتحقق للحكم المحلي في ظل الديمقراطية دوره الفعال، وبناء مؤسساته وقيادة التنمية الشاملة والمتوازنة وتحقيق الاستقرار، لكن الانقلاب قطع الطريق أمام إنجاز هذه المهام.
#الحكم_المحلي_السودان #السودان_ما_بعد_الحرب #يوسف_آدم_الضي #الردة_والفلول #إصلاح_هياكل_الدولة #الحكم_الاتحادي_السودان #ثورة_ديسمبر_المجيدة

Leave a Reply