خواطر أم لاجئة: ح.رب سرقت الأمل وتركت الإيمان

صحيفة الهدف

 حنظلة السعيد

#ملف_المرأة_والمجتمع

كنتُ أظن أنني أحمل مفتاح الغد حين أقف أمام تلاميذي وأكتب على السبورة دروسًا عن الأمل والوطن. لكن الحرب نزعت السبورة من يدي، واقتلعتنا من بيتنا، ذلك البيت الذي لم يتركه لنا إلا أثر الذكريات بعد أن نُهب كل ما فيه؛ من أثاث، وأبواب، ونوافذ.

لم نجد أمامنا سوى طريق اللجوء، فشدّدنا الرحال إلى دولة مجاورة. بعنا ما تبقّى من حصاد العمر لنغطي نفقات السفر، حتى وجدنا شقة صغيرة للإيجار، نُقيم فيها على أمل أن تكون الغربة محطة قصيرة. لكن الشهور تتابعت، ثمانية عشر شهرًا ونحن نحمل همّ الغربة وأعباءها.

زوجي، الذي كان موظفًا في شركة خاصة، أصبح بلا عمل ولا راتب. أما أنا، المعلمة التي آمنت دوماً برسالة التعليم، فقد طرقت كل الأبواب بحثًا عن فرصة، ولم أجد. جرّبت بيع الكسرة والدكوة في السوق، لكن الرزق ضاق. ومع مرور الأيام نفد المال، فتوقّف زوجي عن شراء الأدوية التي تحفظ توازنه مع داء السكري وضغط الدم.

أبنائي… الكبير الذي كان يستعد لامتحان الشهادة السودانية، صار يعمل نادلاً في مقهى، يعود كل مساء مثقلًا بخيبة، وأخوه الأصغر يترنح بين شغف التعلم ومرارة الواقع، أما صغيرتي في مرحلة الأساس فتسألني بعينيها: متى نصحو من هذا الكابوس؟

كنتُ أظن أن الأم حصنٌ وجدار، فإذا بي جدارٌ تصدّع تحت ضربات الحياة. لكني، رغم الألم، ما زلت أؤمن أن داخل هذا الركام بذور حياة جديدة. أؤمن أن قوتنا في صبرنا، وأن الغربة مهما طال ليلها ستُفضي إلى فجر. فالغد وإن غاب عن عيوننا لحظة، سيشرق قريباً، وسيعود أولادي إلى مقاعد الدراسة، وسيبتسم الوطن من جديد.

فالحرب قد تسرق منا كل شيء، لكنها لا تستطيع أن تنتزع من صدورنا إيماننا بالفرج، ولا أن تطفئ شعلة الإرادة التي ستقودنا إلى غدٍ أفضل.

#خواطر_أم_لاجئة #المرأة_والحرب #أمهات_صامدات #اللجوء_والنزوح #حياة_اللاجئين #رسالة_معلمة #أمل_العودة #حنظلة_السعيد

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.