(المرء لا يولد امرأة، بل يصبح كذلك): ثورة سيمون دي بوفوار التي لم تنتهِ

 منيرة محمود

#ملف_المرأة_والمجتمع

حين كتبت الفيلسوفة الفرنسية سيمون دي بوفوار عبارتها الشهيرة: «المرء لا يولد امرأة، بل يصبح كذلك»، لم تكن مجرد جملة عابرة في كتابها “الجنس الثاني” عام 1949، بل كانت ثورة فكرية قلبت الموازين. أرادت بوفوار أن تقول إن الأنوثة ليست قدراً بيولوجياً أو قيداً أزلياً، بل بناء اجتماعي تصوغه الثقافة والعادات والتقاليد. من هنا انطلقت شرارة النسوية الحديثة، التي جعلت من قضية المرأة قضية تحرر إنساني شامل، تتعلق بالحرية والاختيار والكرامة.

لقد جسدت بوفوار بفكرها ومسارها معنى الحرية الفردية. لم تخضع لقوالب جاهزة، بل صنعت طريقها الخاص، لتصبح أيقونة عالمية ألهمت أجيالاً من النساء لرفض التبعية والسعي إلى تقرير مصيرهن. كانت رسالتها أن الحرية مسؤولية قبل أن تكون حقاً، وأن على كل إنسان أن يختار وجوده بعيداً عن إملاءات المجتمع.

وإذا كان صوت بوفوار قد دوّى في أوروبا والعالم، فإن المرأة العربية حملت على عاتقها بدورها نضالًا شاقًا لنيل حقوقها وسط واقع أكثر تعقيدًا. ففي وجه البنى الأبوية الصارمة، والقيود القانونية والاجتماعية، خاضت نساء عربيات معارك طويلة لكسر جدار الصمت والتمييز. يكفي أن نذكر أسماء مثل:

• هدى شعراوي في مصر، التي رفعت شعار التحرر في بدايات القرن العشرين.
• نازك الملائكة في العراق، التي جمعت بين الإبداع الشعري والوعي بقضية المرأة.
• فاطمة المرنيسي في المغرب، التي قدّمت قراءة جريئة للتراث من منظور نسوي.
• نوال السعداوي، التي جعلت من كتاباتها صرخة في وجه القمع الجسدي والفكري للمرأة العربية.

اليوم، ما زالت المرأة العربية تواجه تحديات جمّة، من التمييز في قوانين الأحوال الشخصية إلى العنف الأسري وحرمانها من مواقع القرار. ومع ذلك، يتواصل نضالها بصبر وإصرار، مستندة إلى تاريخ طويل من الكفاح وساعية إلى مستقبل تُعامل فيه بكرامة كاملة كمواطنة كاملة.

إن مقولة بوفوار لا تزال حيّة في كل مكان: لا يولد المرء امرأة، بل يُصبح كذلك عبر الصراع ضد القوالب المفروضة، وباختيار طريق الحرية. وهذه الرسالة، وإن وُلدت في باريس، فإنها تجد صداها في قلوب نساء العالم، وخاصة في العالم العربي حيث لا يزال النضال مستمراً.

#سيمون_دي_بوفوار #الجنس_الثاني #المرأة_العربية #النسوية_الحديثة #التحرر_النسائي #نوال_السعداوي #الأنوثة_بناء_اجتماعي