أم قصي
#ملف_المرأة_والمجتمع
في غ.زة، يتحول النزوح إلى حكاية دمٍ ودمعٍ لا تنتهي. ليس نزوحاً بالمعنى الجغرافي فحسب، بل انكساراً للروح واغتراباً عن الحياة ذاتها. أطفال ينامون على أطراف الدروب المظلمة، وأمهات يجررن قلوبهن المثقلة خلف عربات مُحمّلة بما تبقى من حياة. آباء يسيرون بيدين مثخنتين بالجراح، بحثاً عن مأوى قد لا يوجد، أو عن طريق لا يؤدي إلا إلى قصفٍ جديد.
النزوح في غ.زة ليس انتقالاً من بيتٍ إلى آخر، بل هو اقتلاع متواصل من الجذور، ومحو للذاكرة والجغرافيا. كل غارة تسرق بيتاً، وكل صاروخ يدفن وجهاً عزيزاً في التراب. هنا، يصبح الموت جاراً أقرب من أي إنسان، والفقد صديقاً مقيماً لا يرحل.
تحت وابل القصف الصهيوني، تتناثر العائلات مثل حبات قمح في مهب الريح. نساء يحملن على أكتافهن حقائب صغيرة تحوي بقايا حياة، وأطفال حفاة يجرون بأقدام مرتجفة فوق الإسفلت المحترق. بعضهم ينام فوق عربات الكارو المهترئة، وبعضهم يجهش بالبكاء وهو لا يفهم سوى أن بيته قد تلاشى. لم يبق إلا خوف يطاردهم أينما ذهبوا، وسماء مشتعلة لا تعرف الرحمة. لا طرق آمنة، ولا وجهة معلومة، فالعدو يحاصر الجهات كلها، والنجاة تبدو وهماً يتلاشى مع كل ليلة دامية.
وفي مقابل هذا المشهد، يقف حكام العرب صامتين صمتاً مخزياً، بل إن بعضهم قد طبع مع القاتل وفتح له الأبواب، وكأن دماء غ.زة لا تعنيهم. في زمنٍ غابر، لبّى المعتصم نداء “وامعتصماه” لإنقاذ امرأة واحدة، أما اليوم فغ.زة كلها تستغيث فلا يجيبها أحد. يكتفي الحكام بالخطابات الباردة، بينما العدو يهدم البيوت فوق ساكنيها، ويقتلع الأرض والإنسان من جذورهما.
إنها خيانة لا تقل فداحة عن جريمة القصف ذاته؛ صمت مطبق، وتواطؤ مفضوح، وترك لغ.زة تواجه مصيرها وحيدة بين الركام والدخان
#غ.زة_تحت_القصف #نزوح_غ.زة #صمت_العرب #اغتراب_الروح #جرائم_الحرب #أطفال_غ.زة #ام_قصي #قضية_فلسطين

Leave a Reply