م. عبد المنعم مختار
#ملف_المرأة_والمجتمع
للخطوبة في السودان سيرة تمتد مثل ظل النخيل على شاطئ النيل، فيها عبق الديوان، ووشوشة النسوة خلف الأبواب، وحكايات الجدات التي تحفظ العادات كما تُحفظ الحبوب في «المطمورة». قديماً، كانت الأم هي التي تخطب لولدها؛ فالزواج شأن الأمهات والعّمات، والبت لا تُطلب إلا لود عمها أو لقريب من الدم. وكان المثل يرنّ في الآذان: «البت بتموت بود عمها».
أما القول «غطي قدحك»، فهو دعوة لأن يستر الولد قدحه بزواجه من قريبة مأمونة، وألّا يمد يده بعيداً، حتى لا يُعاب عليه في محفل الأسرة. وإن فاتته بنت عمه، جاء المثل الآخر: «لو فاتتك بت عمك ازوج بتها»، فالزواج لم يكن مجرد اقتران فردين، بل رباط دم وحصن للقبيلة.
لكن الريح تغيّرت. مع المدارس والجامعات، صار الشاب يختار من زميلاته، أو من صويحبات أخواته. ثم جاءت الغربة فحملت معها زواج المغتربين بما جمع بين الحنين والتقاليد. واليوم دخلت الوسائط الاجتماعية ساحة الخطوبة، حتى بدت كأنها سوق إلكتروني تُعرض فيه البنات بمواصفات العمر والتعليم والحالة الاجتماعية.
المجتمع التقليدي يرى في هذا المشهد كسرًا لهيبة البنت، بينما يعتبره آخرون نافذة تواكب العصر وتفتح أبواباً جديدة. والنتائج تتباين: زيجات تُثمر دفئًا وبيتًا عامرًا، وأخرى تنهار سريعًا كجدار لم يُدعّم بالطين الكافي.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل ستحتفظ الخطوبة السودانية بوهجها الإنساني ودفئها القديم، أم ستذوب في برودة الشاشات؟ الباب يظل مشرعًا للنقاش، فالمستقبل ما زال يكتب فصوله.
#الخطوبة_في_السودان #عادات_سودانية #زواج_العرب #من_غطي_قدحك_الى_لايك #التغيرات_الاجتماعية #م_عبدالمنعم_مختار #السودان_والمجتمع

Leave a Reply