د. هادية يوسف عبدالرحمن
#ملف_المرأة_والمجتمع
في أزمنة عصفت بها الحروب، وتاهت فيها الإنسانية بين أروقة الدمار، ظلّت المرأة ذلك القلب النابض بالعطاء، وذاك الكتف الذي يسند الحياة رغم الوهن. لم تكن مجرد شاهدة على الخراب، بل كانت في صميمه، تواجهه بجرأة لا تُضاهى، وتمنح مما تملك وأكثر.
في بلاد المهجر، حيث الغربة تقسو، وحيث اللاجئة تبحث عن شبر آمن لها ولأبنائها، وجدت المرأة نفسها محاصرة بلا ملاذ. لم يكن أمامها سوى أن تُقاوم، وأن تُحوّل آلامها إلى مدرسة للحياة. جلست بين جدران ضيّقة، تُعلِّم أبناءها وسط ضجيج الخوف والفقر، رافضة أن تُسلِمهم لليأس أو أن تفقدهم بين أمواج التيه.
عملت في كل ما وقع بين يديها؛ من بيع البسيط في المحلات والأسواق، إلى خدمة المجتمع المحلي، لتبني من فتات الواقع كرامة تحفظها لها ولأبنائها. كانت تحمل في قلبها كبرياءً لا ينكسر، فتُقابل الاحتقار بالاعتزاز، والخذلان بالعزيمة، والجفاء بالوفاء لنفسها ولأحلامها.
لقد انكشفت خلال الحرب وجوهٌ شتى للإنسان. قصصٌ مؤلمة سمعناها؛ قريبة تجاهلت، وأخرى رفضت المساعدة، فتركتها وحيدة في مواجهة الغربة والخذلان. ومع ذلك، ظلّت المرأة واقفة، تُمسك بخيوط الضوء وسط العتمة. لم تنتظر عطفًا ولا مِنّة، بل صنعت طريقها بإرادتها.
دخلت مبادرات لتعلّم الحِرف اليدوية، وغزت ميادين جديدة كي تكتسب رزقًا شريفًا يُغنيها عن سؤال الناس. أصبحت المرأة اللاجئة، رغم النزوح والوجع، رمزًا للكرامة، وقدوةً في الصبر، ومعنى حقيقيًا للإباء.
إنها الأم التي تُخبّئ دموعها كي لا يراها أبناؤها، والأخت التي تُساند إخوتها رغم هشاشتها، والابنة التي تزرع الأمل في قلب والديها، والصديقة التي تمدّ يدها لتنتشل رفيقاتها من المستنقع.
فلكِ يا أمي، وأختي، وابنتي، وصديقتي، مليون تحية وتقدير. أنتنَّ من جعلتنّ الصبر تاجًا فوق الرؤوس، والكرامة درعًا يصدّ الرياح، والأمل شجرةً تورق في أكثر الأراضي قحطًا. أنتنّ أيقونات الصمود في زمنٍ أراد كسرنا، لكنكنّ أثبتن أن المرأة وحدها قادرة على أن تحمل العالم.
#المرأة_في_الحرب #أيقونة_الصمود #تمكين_المرأة #اللاجئات #الصبر_والكرامة #المرأة_العربية #هادية_يوسف #الحرب_والمرأة #النزوح_والمرأة

Leave a Reply