مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالمملكة المتحدة والدول الإسكندنافية نعمت بيان لـ”الهدف”:(3-3)

صحيفة الهدف

حوار: طارق عبد اللطيف أبو عكرمة
#الهدف_حوارات

  • وضعنا استراتيجية لتشكيل لوبي عربي ليؤثر بفعالية على الحكومات، لتغيير موقفها من قضايانا المحقة
  • لتجاوز مشكلة التمويل المشروط، يجب  تحليل الحاجيات بدقة، والبحث عن جهات مانحة
  • أولى التعقيدات والتحديات التي تواجهها المنظمات في العمل الميداني هي معوقات إدارية وبيروقراطية
  • الحالة التي لا يمكن أن يسري عليها الحياد، هي الموقف من الكي.ان الصه.يو.ني
  • تحرص منظمتنا على مصداقية المعلومة عبر الوصول إلى مصادر موثوقة ومتنوعة لتجنب تضليل الرأي العام

المقدمة:

في عالم تتصاعد فيه أصوات النزاعات والح.روب، تبرز أصوات تحمل همّ الإنسان أينما كان، وتدفع بقضايا الحق والعدالة إلى الواجهة. السيدة نعمت بيان، مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الإسكندنافية، وعضو الهيئة الإدارية في منظمة المغتربين العرب في السويد، هي إحدى هذه الأصوات التي ترفد العمل الحقوقي بخبرة واسعة ومواقف ثابتة. من قلب المعاناة الإنسانية في فلس.طين ولبنان والسودان، إلى أروقة العمل الحقوقي الدولي، تحمل نعمت بيان رسالة إنسانية تؤكد أن حقوق الإنسان لا تقبل التجزئة. في هذا الحوار، تغوص “حوارات الهدف” معها في أعماق القضايا التي تشغل بالها، وتهتم بها “الهدف”، ونستطلع رؤيتها لمستقبل العمل الحقوقي في زمن تحيط فيه التحديات بالإنسان العربي من كل حدب وصوب.

ما هو نموذج التعاون الأكثر فاعلية بين منظماتكم المحلية والمنظمات الدولية: تمويل المشاريع فقط، أم تبادل الخبرات، أم الضغط المشترك على الحكومات؟ ولماذا؟

“إن منظماتنا هي حديثة التأسيس، فالمنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الإسكندنافية التي تأسست عام 2020 قامت برفع عدة تقارير إلى منظمة حقوق الإنسان الدولية حول انتهاكات حقوق الإنسان في بعض الدول العربية خاصة التي تعاني الحروب والنزاعات، وأقامت العديد من الندوات بعض منها شارك فيها ممثلون في مجلس العموم البريطاني، ونواب في البرلمان السويدي، عدا عن مشاركتها في مؤتمرات فكرية وحقوقية عدة.

أما منظمة المغتربين العرب في السويد، وهي منظمة اجتماعية وثقافية تأسست منذ عام ونصف، كإطار جامع للمغتربين العرب في أوروبا، توزعت نشاطاتها في إقامة الندوات المكثفة حول ما تشهده المنطقة العربية من تحديات ومخاطر خاصة في فلسطين والسودان، والمشاركة الدائمة في المسيرات المنددة بالإبا.دة الجماعية.

الحقيقة هناك نقص في الموارد المالية لكلا المنظمتين لتمويل مشاريع كبيرة، عدا عن النقص في ذوي الخبرات والمهارات. أما عملية التنسيق والتعاون مع المنظمات المحلية والدولية تشوبها بعض التعقيدات خاصة بما يتعلق في تمويل المشاريع، لكن نعمل بكل جهد لتعزيز التعاون مع المنظمات في الدول المضيفة والمنظمات الدولية، كما وضعنا استراتيجية لتشكيل لوبي عربي على صعيد أوروبا يكون له تأثير فعال على الحكومات، لتغيير موقفها من قضايانا المحقة وأهمها القضية الفلسطينية.”

كثيرًا ما تشكو المنظمات المحلية من أن المنظمات الدولية تفرض أجندتها الخاصة. كيف يمكن تحقيق توازن يحترم أولويات المجتمع المحلي ويحافظ في الوقت نفسه على معايير التمويل الدولي؟

“لتحقيق توازن بين أولويات المجتمع المحلي ومعايير التمويل الدولي، يجب على المنظمات الدولية تبني مبادئ المشاركة الحقيقية للمجتمع المحلي في تصميم البرامج وتحديد الأولويات، مع ضمان الاستقلالية والمرونة للمنظمات المحلية في تنفيذ المشاريع، وذلك من خلال تعزيز الشفافية والتواصل المفتوح بين الأطراف لتحديد أهداف مشتركة تتوافق مع الاحتياجات المحلية ووفقًا لمعايير التمويل.”

 هل يمكن أن تذكري لنا مثالًا ناجحًا للتعاون (حقيقي وليس على الورق) بين منظمتكم ومنظمة دولية، وكانت نتيجته ملموسة على الأرض؟ وما هو سر نجاح هذه الشراكة؟

“لقد قامت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الإسكندنافية بالعديد من النشاطات منها: رفعت تقارير إلى لجنة الطفل والمرأة الأممية حول الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في السودان وفلسطين، كما رفعت تقارير إلى مجلس الأمن ومنظماته الحقوقية عن لبنان والأحواز العربية وسوريا، وتم التواصل مع مؤسسات أو شخصيات أوروبية تهتم بقضايا حقوق الإنسان والعدالة منهم نواب في البرلمان السويدي والبريطاني، أيضًا تم عدة مقابلات تلفزيونية وصحفية حول القضايا العربية، وكتابة العديد من المقالات الصحفية، بالإضافة إلى التواصل مع منظمات حقوقية على الساحة الأوروبية.

وتقوم منظمة المغتربين العرب في السويد الحديثة التأسيس بتنظيم ندوات شهرية حول ما يحدث على الساحة العربية، وأيضًا حول شؤون المغتربين العرب، وتشارك المنظمة بالعديد من النشاطات الاجتماعية والثقافية على الساحة الأوروبية، عدا عن مشاركتها الدائمة في المسيرات المنددة والرافضة بالإبا.دة الجماعية في فلسطين، بالعمل والتنسيق مع جمعيات ومنظمات المجتمع المدني، كما يتم إشراك شخصيات أوروبية أو منظمات لها تأثير في قرار الحكومات في نشاطات المنظمتين. أما سر نجاح الشراكة فيكمن من خلال تبادل الخبرات، وبناء الثقة المتبادلة، وتحديد أهداف واضحة ومشتركة، ووضع استراتيجيات عمل تتسم بالشفافية ووجود آليات تنسيق فعالة، إضافة إلى تعزيز قدرات الأفراد المشاركين في الشراكة.”

 كيف يمكن تجاوز معضلة التمويل المشروط الذي تفرضه بعض الجهات المانحة، والذي قد لا يتوافق مع الاحتياجات الحقيقية للمجتمع أو أولويات العمل المحلي؟

“لتجاوز مشكلة التمويل المشروط، يجب على المنظمات المحلية تحليل حاجياتها بدقة، والبحث عن جهات مانحة تتوافق أولوياتها مع هذه الاحتياجات، والتحقق من سجلات الجهات المانحة حيث تتطلب بعض المنظمات معايير ملائمة، مع تنويع مصادر التمويل، أي عدم الاعتماد على جهة واحدة، كما التواصل مع الجهات المانحة لتوضيح الأولويات، والتفاوض على شروط أكثر مرونة أو يتم البحث عن مصادر تمويل بديلة. ويُستحسن الاعتماد على القدرات المحلية لتقليل الاعتماد على التمويل الخارجي، وتشجيع الشراكات المحلية لزيادة الموارد المتاحة، التي تتيح قدرة المنظمات على إدارة الموارد بكفاءة وشفافية، وتقليل الحاجة إلى التمويل الخارجي.”

ما هي أصعب المعوقات الإدارية أو البيروقراطية التي تواجهونها في العمل الميداني؟

“أولى التعقيدات والتحديات التي تواجهها المنظمات في العمل الميداني هي معوقات إدارية وبيروقراطية، منها تعقيد الإجراءات وبطء اتخاذ القرارات في الدوائر الرسمية، وأحيانًا يحدث نقص في التنسيق بين الإدارات والأقسام مما يؤدي إلى عدم تنفيذ المهام المطلوبة بالشكل الصحيح، والمماطلة والتدقيق المشروط والمعقد بما يتعلق بالتمويل.”

6. كيف تتعاملون مع معضلة الحياد في بيئات النزاع؟

“إن التعامل مع معضلة الحياد في بيئات النزاع يتطلب أن تلتزم المنظمات والجمعيات الإنسانية عمومًا بمبادئ أساسية مثل الحياد والحفاظ على استقلالية العمل الإنساني على ما تقتضيه الحاجة الإنسانية وليس على أساس سياسي أو عرقي، وتقييم مستقل لاحتياجات المدنيين دون العودة أو الاستعانة بأطراف النزاع، كما يجب إبعاد أو عدم السماح لأطراف النزاع في إجراء التقييمات لضمان حصول المساعدات لمن هم بحاجة لها، وتوزيع المساعدات من قِبل الجهات الفاعلة الإنسانية نفسها، وليس من قِبل أطراف النزاع، إضافة إلى تأمين آليات مراقبة لمتابعة استخدام المساعدات بشكل سليم. (الحالة التي لا يمكن أن يسري عليها الحياد، هي الموقف من الكي.ان الصه.يو.ني).”

 ما هي استراتيجياتكم لحماية فريق العمل الميداني نفسيًا وجسديًا من الإرهاق، والصدمات الناجمة عن العمل في بيئات خطرة ومليئة بالمعاناة؟

“أهم الخطوات التي يمكن أن تُتخذ لحماية فريق العمل الميداني هي وضع استراتيجيات وقائية، عبر تقييم المخاطر المحتملة ووضع تدابير وقائية محددة، وتجهيز فريق العمل بمعدات الحماية الشخصية، تدريب الفريق على إجراءات السلامة وكيفية استخدام المعدات، إضافة لخطة استجابة لحالات الطوارئ مثل الحرائق أو الانفجارات، وتوفير الدعم النفسي، ووضع برامج لتخفيف الإجهاد في العمل مع تأمين أماكن عمل آمنة، وتطبيق سياسات صارمة ضد العنف أو التحرش في مكان العمل، ومهم أيضًا إشراك فريق العمل في المشاركة في تطوير الحلول لمواجهة المخاطر، لتعزيز جهود الوقاية.”

 في ظل انتشار المعلومات المضللة والتشويه الإعلامي، كيف تحافظون على مصداقية عملكم وتضمنون وصول المعلومات الدقيقة عن الانتهاكات للرأي العام العالمي؟

“تحرص منظمتنا على مصداقية المعلومة عبر الوصول إلى مصادر معلومات موثوقة ومتنوعة لضمان صحة البيانات وتجنب تضليل الرأي العام، لتقديم تقارير دقيقة، والتعاون مع مؤسسات إعلامية مستقلة وذات مصداقية، والتحقق من المعلومات والتشديد على الشفافية والمساءلة، والتعاون أيضًا مع منظمات المجتمع المدني، أيضًا يجب إجراء التوثيق مباشرة، أي عند وقوع الانتهاكات وجمع الأدلة والشهادات الحية بسرعة لضمان عدم إخفائها أو تضليلها مع مرور الوقت، ويمكن الاعتماد أحيانًا على المصادر الرسمية للحصول على المعلومات، حيث تُعتبر المعلومات الرسمية موثوقة ومصدرًا هامًا لتعزيز مصداقية التقارير، عدا عن الحاجة لتعزيز التوعية الرقمية التي بدورها تساهم في رفع وعي المستخدمين بأساليب التحقق من صحة الأخبار وتقنيات التضليل.”

في الختام، نشكر جريدة الهدف والقيمين عليها جزيل الشكر على الدعوة لهذه المقابلة الحوارية، مثمنين دورها في نشر الوعي والمعرفة والإضاءة على القضايا والظروف الخطيرة التي تمر فيها الأمة العربية والمخاطر المتربصة بدولنا على كافة الصعد، متمنين لهذه المنصة العريقة دوام الاستمرارية والنجاح والتوفيق!

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.