
أنا موسيقي أسعى للمحبة والسلام.. على كل فنان أن ينظر لما يقدمه، لا لما يجنيه
شغف الموسيقى يختصر الطريق للتعلم، والكلية صقلت موهبتي وعلمتني الأسرار
حاوره: يوسف الغوث
#ملف_الهدف_الثقافي
يقول علماء الموسيقى إنّ هناك ارتباطًا وثيقًا بين آلة الفلوت وصوت العصافير، وذلك لما تتميز به من نغمات عالية ورقيقة. وفي المسرح، لطالما استُخدمت الفلوت لمحاكاة أصوات الطيور، كما في مسرحية “بيتر والذئب”. وعازف الفلوت عادةً ما يكون فنانًا بارعًا، واسع الخيال، وذا حس مرهف. ضيف”ملف الهدف” اليوم أحد أبرز عازفي الفلوت في السودان، ولا مبالغة إذا قيل إنه العازف الأول فيها. فقد شغل منصب مدير فرقة الموسيقار محمد وردي لأكثر من ست سنوات، كما عزف برفقة أساطين الغناء في السودان، إنه مجدي قيلي، فإلى مضابط الحوار..
تحدث عن حياتك الأولى وبداياتك؟
“أنا مجدي صالح قيلي، من مواليد مدينة رفاعة. علاقتي مع الموسيقى بدأت في المرحلة الثانوية، وكانت فترة تجربة وتعرّف على أكثر من آلة: الإيقاع، الكمان، الأكورديون، وأخيراً الفلوت.”
ولماذا اخترت آلة الفلوت؟
“لأن الفلوت هي الآلة التي عبّرت عن مزاجي وانفعالاتي، واحتوت مشاعري وأحاسيسي. شعرت معها بالشجن والفرح والحزن، وأصبحت صديقي الأقرب، أعبّر عبرها عمّا يعتمل بداخلي.”
لذلك برعت فيها.. لكن الملاحظ أنك تجيد العزف على أكثر من آلة؟
“التعامل مع الموسيقى بشغف يختصر الكثير من التفاصيل ويقصر طريق التعلم.”
ماذا أضافت لك كلية الموسيقى والدراما؟
“التحاقي بالكلية كان ضروريًا بعد أن آمنت بموهبتي. هناك صُقلت موهبتي وتعمّقت معرفتي بخفايا الموسيقى عموماً والفلوت خصوصاً.”
لماذا اتجهت لاحقاً لتدريس الموسيقى؟
“اعتبر عملي بتدريس الموسيقى ردّاً لجميل الوطن الذي قدّم لي المعرفة دون مقابل. كنت أتلقى إعانة شهرية ساعدتني وزملائي على شراء المذكرات ومستلزمات الدراسة.”
كيف ترى آلة الأورغن، وهل ساهمت فعلًا في تدني الذوق الفني؟
“الأورغن اتُّهم بذلك ظلمًا، والدليل أنها نفس الآلة التي أبدع بها الراحل بدر الدين عجاج وإبراهيم محمد الحسن وسعد الدين الطيب وماهر تاج السر. المشكلة ليست في الآلة بل في الذوق العام والثقافة الفنية.”
ماذا عن تجربتك مع الموسيقار محمد وردي؟
“وردي لم يكن يجامل على حساب موسيقاه. عندما عزفت في فرقته، حرصت على الالتزام بالانضباط والحفظ والتجويد، وأن تكون لي بصمتي الخاصة. التحقت بفرقة الفنان الراحل وردي عام 2002 خلال حفلات لشركة كوكا كولا. وفي 2006 أصبحت مديرًا للفرقة، واستمرت رحلتي معه حتى رحيله في 2012.”
كيف كان شعورك عند رحيل العمالقة وردي ومحمد الأمين؟
“شعور من فقد عمود أسرته. كانا أعمدة الغناء السوداني بأعمال خالدة لا تتكرر.”
من من الفنانين الشباب لفت انتباهك؟
“هم كثر، مثل وليد زاكي الدين، أسامة الشيخ، محمد الخاتم، طه سليمان، ومحمد عبد الجليل.”
كيف ترى مستقبل الفن في السودان؟
“لا أريد أن أبدو متشائمًا، لكن أتمنى أن ينظر كل فنان لما يقدمه، لا لما يجنيه من الغناء.”
كيف تنظر للح.رب التي تمزق الوطن اليوم؟
“أنا موسيقي، فنان.. أسعى للمحبة والسلام. لا للحرب بين أبناء الوطن الواحد.”
خلال الح.رب رحل عدد من الفنانين. كيف تفسّر ذلك؟
“الغالبية العظمى لا يجيدون غير موسيقاهم. ومع ظروف الحرب واستحالة ممارسة الفن، كان لا بد من البحث عن أماكن تمكّنهم من العزف والعمل لإعالة أسرهم. والفنان بطبعه مرهف الإحساس.”
ما دور نقابة الفنانين في تخفيف معاناة الوسط الفني خلال الحرب؟
“كان هناك تحرك مشترك مع د. عبد القادر سالم، ونجحنا في توفير بعض المساعدات وتوزيعها داخل السودان، لكن اشتداد الحرب حال دون الاستمرار. خارج السودان نسعى جادين لتحقيق مشروعات لدعم زملائنا.”
كلمة أخيرة؟
“ختامًا لا بد من شكر لجمهورية مصر وشعبها على ما قدموه لنا، أتمنى أن نعود إلى حضن الوطن وأن يعمّ السلام والخير.”
Leave a Reply