
محمد الأمين ابوزيد
يعد الاعتراف الدولي الكبير بالدولة الفلسطينية مع قرب انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تطورًا سياسيًا مهمًا له تأثيرات متعددة على مسار القضية الفلسطينية، لا سيما بعد الهجوم (الإسرائيلي) على غزة فى خطوة تستهدف احتلالها وتجفيف بؤر المقاومة في ظل سياسة ممنهجة لمنع احتمال قيام دولة فلسطينية.
إن تزايد وتيرة الاعترافات بالدولة الفلسطينية، خاصة من قِبل دول أوروبا وأمريكا اللاتينية وكندا وأستراليا، نتيجة لتصاعد التضامن الدولي مع الحقوق الفلسطينية، وفشل مسارات التسوية التقليدية، واستمرار الاحتلال والاستيطان الصهيوني، والانسداد السياسي الداخلي الفلسطيني.
إن أهمية الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية تتمثل في جوانب:
-شرعنة الوجود الفلسطيني دوليًا، يعني الاعتراف قبول المجمتع الدولي بشرعية الحقوق الفلسطينية، وعلى رأسها الحق في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس كنقطة انطلاق. – تعزيز الموقف السياسي الفلسطيني وإعطائه ورقة قوة سياسية في المحافل الدولية ويضعف الموقف الصهيوني القائم على نفي الطرف الفلسطيني.
•نقل الصراع إلى الإطار القانوني الدولي حيث يصبح من الممكن توسيع صلاحيات الانخراط في الهيئات الدولية ما يسمح بملاحقة جرائم الكيان الصهيوني ضد دولة معترف بها، وليست قضية احتلال فقط.
-تزايد العزلة الدبلوماسية يصبح الكيان المـحتل في موقف تفاوضي ضعيف ويزيد الضغط عليه لوقف الاسـتيطان.
-الاعتراف الدولي ينعش فكرة حل الدولتين ويضغط على الأطراف الرافضة لهذا الحل.
-تعزيز التضامن الشعبي الدولي مع القضية الفلسـطينية والحراك المناصر لها حول العالم ما يسند دعم التحركات الفلسـطينية اقليميًا ودوليًا.
-تاثيره على مواقف المؤسسات الدولية بازدياد فرص فلسـطين للحصول على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة.
إن الطريق الذي يفتتحه الاعتراف الواسع بالدولة الفـلسطينية تعتوره تحديات حقيقية في:
-بعض الدول الكبرى لا تزال ترفض الاعتراف بالدولة الفـلسطينية وتستخدم حق النقض في مجلس الأمن لمنع قرارات حاسمة.
•الانقسام الفـلسطيني الداخلي وغياب الوحدة السياسية بين الضفة وغزة يضعف قدرة الفـلسطينيين على استثمار خطوة الاعترافات في بناء مؤسسات الدولة. -السيطرة الصـهيونية على الأرض وتواصل الاستيـطان وتهـويد القـدس يضعف من فاعلية الاعتراف دون ضغط دولي عملي وقوي.
• غياب الموقف العربي والإسلامي الموحد، وضعف تأثير مؤسساته.
من المهم الإشارة هنا إلى أن القضية الفلـسطينية كانت وما زالت محورًا مهمًا في منظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ومن باب التذكير صدر حولها العديد من القرارات الدولية منذ 1947 حتى اليوم، أهمها:
-القرار 181 نوفمبر 1947 الصادر من الجمعية العامة بتقسيم فـلسطين لدولتين (عربية ويـهودية) ووضع القـدس تحت إدارة دولية رفضه العرب.
•القرار 194 الصادر في 11ديسمبر 1948 الخاص بعودة اللاجئين الفـلسطينيين إلى ديارهم.
•القرار 242 الصادر في 22 نوفمبر 1967 الداعي للانسحاب من الأراضي المـحتلة بعد عـدوان 67 (الضفة الغربية، غــزة، سيناء، الجولان) مقابل السلام والاعتراف.
-القرار 338 الصادر في أكتوبر 1973 الذي أكد تنفيذ القرار 242 ووقف إطلاق النـار بعد حـرب 73 (الأيام الستة).
– القرار 252 الصادر 1968 رفض ضم الكيان الصـهيوني للقـدس الشرقية.
-القرار 476 الصادر 1980 الذي أكد بطلان جميع الإجراءات لتغيير طابع القـدس.
-القرار 478 الصادر 1980 الرافض لقانون القـدس عاصمة للكـيان الصـهيوني.
•القرار 2334 الصادر 2016 إدانة الاستـيطان في الأراضي الفلسـطينية المحـتلة واعتباره غير شرعي وعقبة أمام حل الدولتين.
-هناك قرارات عديدة متعلقة بالحقوق الفـلسطينية والاعتراف بمـنظمة التـحرير الفـلسطينية ممثلاً شرعياً للشعب الفـلسطيني 1974 وإعطاء فلـسطين صفة مراقب في الأمم المتحدة 2012.
القرارات الدولية كلها أكدت على الحق الفلـسطيني في تقرير المصير وعودة اللاجئين وعدم شرعية الاحـتلال والاستـيطان، إلا إنها دومًا تصطدم بعدم الإلزامية لقرارات الجمعية العامة، واستخدام حق الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، ورفض دولة الكـيان الالتزام بها.
تواجه القضية الفلـسطينية في هذه المرحلة الحرجة تحديًا وجوديًا يتطلب وحدة فلـسطينية لكافة التيارات المناضلة، والتزام وعمق عربي مدرك للقضية المركزية، وتضامن إسلامي دفاعًا عن المقدسات.
Leave a Reply