
لا يختلف اثنان على أن مبادرة الرباعية الدولية فتحت نافذة جديدة أمام السودان للخروج من نفق الحرب الطويلة والمظلمة. لكنها نافذة لن تبقى مفتوحة طويلاً، ولن تتحول إلى مخرج حقيقي إلا إذا امتلكت القوى المدنية الإرادة والرؤية المشتركة لتوظيفها.
إن نجاح أي مبادرة للسلام لا يُقاس بالبيانات الخارجية ولا بالضمانات الدولية وحدها، بل بقدرة أصحاب المصلحة الحقيقيين قوى الثورة والمجتمع المدني على التوافق فيما بينهم. إن عجزكم عن التوافق لا يعني فقط فشل المبادرة، بل يمنح القوى الرافضة للسلام، والمستفيدة من استمرار الحرب، الفرصة الذهبية لابتلاع القرار الوطني ومصادرته من جديد.
لقد أثبتت التجارب أن غياب المشروع المدني الموحد هو أكبر ما يطيل أمد الحرب ويغذي الفوضى. بينما التوافق، حتى ولو كان على الحد الأدنى، هو ما يمكن أن يعيد للسودان صوته وقراره وسيادته.
إن الشعب السوداني الذي أنهكته المعاناة، من النزوح والجوع وانعدام الدواء وتدهور الخدمات، لم يعد يحتمل المزيد من المزايدات والتجاذبات السياسية. هو ينتظر منكم خطوة واحدة: أن تضعوا الوطن أولاً، وتترجموا ذلك إلى ميثاق واضح يجمعكم جميعاً في جبهة مدنية عريضة.
الطريق أمامكم ضيق لكنه ممكن
إما أن تتوافقوا وتكسروا حلقة الحرب والوصاية.
أو تتركوا الساحة للقوى المسلحة والمنتفعة من النزاع لتختطف مستقبل السودان.
إنها لحظة الحقيقة، فإما أن تكونوا على قدر المسؤولية، أو أن يسجلكم التاريخ كمن فرّط في آخر فرصة لإنقاذ الوطن.
Leave a Reply