السودان بين شقي الرحى..الحرب والأوبئة

صحيفة الهدف

تقرير: د.منال جنبلان
أصبح من المحزن والمثير للقلق في آن واحد قراءة احصائيات تزايد انتشار الأوبئة في ولايات السودان المختلفة مع انهيار شبه كامل للنظام الصحي تحت وطأة الحرب اللعينة وتدمير البنية التحتية للمرافق والمؤسسات الصحية منذ اندلاعها في منتصف أبريل 2023، الأمر الذي زاده سوءاً تعرض عدد من الولايات إلى فيضانات بداية الموسم الخريفي الحالي، وتراكم المياه الراكدة دون وجود حملات للرش والإبادة وخدمات الصحة والبيئة لإزالة الأوساخ والنفايات المتراكمة، مما وفر بيئة حاضنة لانتشار الباعوض وتلوث المياه.
وكانت قد أوردت اللجنة الفنية لطوارئ الخريف بوزارة الصحة الاتحادية أن الولايات المتأثرة بالسيول والأمطار بلغت 11 ولاية حتى 14 سبتمبر الجاري.

▪️الكوليرا تفتك بالمواطنين

قال الصليب الأحمر أن السودان يواجه أسوأ تفش للكوليرا منذ سنوات، وأن عدد الوفيات بالمرض أودى بحياة 2500 شخص وأن 100 ألف شخصاً آخرين معرضين لخطر الإصابة في جميع أنحاء السودان، وكان مركز عمليات الطوارئ بوازرة الصحة الاتحادية قد أعلن عن إصابة 1367 شخصاً بالكوليرا في الأسبوع الثاني من سبتمبر، بينها 52 حالة وفاة في ولايات شمال، وسط وشرق دارفور، جنوب كردفان والنيل الأزرق
فيما أشارت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووفق بيانها أن مواطني ولايات الخرطوم، القضارف، شمال وشرق دارفور وسنار يعانون أشد حالات الكوليرا مما دعا اللجنة إلى تركيز استجابتها الطارئة على هذه الولايات.
وكانت قد أعلنت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في دارفور صبيحة الثلاثاء 16 سبتمبر عن زيادة إجمالي حالات الإصابة بالكوليرا إلى 12.061 حالة من بينها 500 وفاة، مبينة أن أكثر المناطق تضرراً هي نيرتتي، طور، جيلدو والقرى المحيطة في لوين، روكرو، شرق جبل مرة، زالنجي، طويلة ونيالا بالإضافة إلى مخيمات النازحين.
وسجلت منطقة طويلة أعلى معدل للإصابات 5487 حالة، بينها 79 وفاة حتى 18 سبتمبر الجاري.
ومن جانبه كشف وزير الصحة المكلف بولاية الخرطوم السبت الماضي أن أعداد الإصابة بالكوليرا داخل الولاية تزيد عن 80 حالة يومياً، مشيراً إلى أن الأعداد الرسمية قد تتجاوز هذا الرقم كثيراً، وأوضح تصريح الوزارة أن الإصابات بدأت تحديداً في جنوب الولاية لاسيما مناطق الجموعية، الصالحة وجبل أولياء وانتشرت بعدها في مناطق شمال أمدرمان.

▪️الزاعجة المصرية نهاراً..والأنوفليس ليلاً

ما بين أنثى الزاعجة المصرية نهاراً وأنثى الانوفليس ليلاً انتشرت حمى الضنك والملاريا في عدد من ولايات السودان.لتفاقم انهيار القطاع الصحي في وقت عجزت فيه سلطة الأمر الواقع عن السيطرة على انتشار هذين النوعين من الباعوض، فالفيروس المسبب لحمى الضنك هو أحد 4 أنماط محلية مميزة لهذا النوع((DENV-1 و DENV-2 و DENV-3 و DENV-4) وينتقل بواسطة أنثى باعوض الزاعجة المصرية التي تنشط بعد الفجر وبعد الظهر، وبالسبطرة على توالد هذه النوع من الباعوض يمكن احتواء انتشار الحمى، وكان وزير الصحة الاتحادية قد وجه نداء متكرراً للمواطنين لتضافر الجهود مع الجهات الرسمية لمكافحة انتشار الباعوض.
وكشف أن كثافة الباعوض الناقل بلغت 30٪ في حين أن نسبة 5٪ فقط كافية لإحداث انفجار وبائي.
وأشار تقرير مركز عمليات الطوارئ بوازرة الصحة الاتحادية عن تسجيل أكثر من 6 ألف حالة لحمى الضنك و 9 وفيات منذ بداية العام الحالي، بينما أشار تقرير سبتمبر الجاري إلى تسجيل 1523 حالة من بينها 3 وفيات، وشملت الإحصائيات ولايات شمال، وسط وشرق دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق فيما تصدرت ولاية الخرطوم قائمة الإصابات بحمى الضنك، في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة التربية والتعليم بولاية الجزيرة قراراً بتعليق الدراسة للمدارس الثانوية حتى السبت الرابع من أكتوبر على خلفية تفشي حمى الضنك.
يأتي تقرير وزارة الصحة في الوقت الذي أصدرت فيه غرفة طوارئ بحري الأحد 14 سبتمبر بياناً عن تسجيل آلاف الحالات من الحميات تركزت في أحياء حلة خوجلي، الجيلي، التمانيات، السامراب شمال، كوبر شرق، الناقلة جنوب والشعبية جنوب. وكشفت عن أن إصابات حمى الضنك بلغت 1296.
لم تشر التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة عن احصائيات دقيقة لتفشي الملاريا، إلا أنها أكدت زيادة الحالات من مارس 2025، بينما سجلت غرفة طوارئ بحري 2137 إصابة ورصدت معظمها في منطقة الشعبية جنوب.

▪️تحديات جسيمة في وضع اقتصادي هش
يواجه المواطن انفجار الوبائيات وسط صراع طرفي الحرب، وتفاقم الأزمة الاقتصادية وتزايد سعر الأدوية مع ندرتها في بعض المناطق، لاسيما ارتفاع أسعار دربات البندول التي تضاعفت قيمتها حوالي 5 أضعاف، إضافة إلى اكتظاظ المرافق الصحية العاملة بالمرضى، ليواجه المواطن السوداني مصيره ما بين سلاح الحرب وانتشار الأوبئة

وفي ظل هكذا وضع يصبح خيار وقف إطلاق النار فوراً لا بديل له، لتمكين وصول المساعدات وفرق التدخل، مع إعلان حالة الطوارئ في البلاد ودعوة المنظمات وفتح المعابر الآمنة لها لتقديم يد العون وتدارك الوضع الكارثي الذي أصبح على حافة الانهيار، فمخلفات الحرب ورواكد الخريف تنذر بتفاقم للوضع أخطر مما هو الآن.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.