
مبارك مامان
#ملف_الهدف_الثقافي
نتناول اليوم واحدًا من أبشع أنواع الانتهاكات التي يتعرض إليها الأطفال بشكل يومي ومستمر، وهو التحرش والاستغلال الجنسي للأطفال، وهو أحد أخطر أشكال العنف التي يتعرض لها الأطفال في مختلف المجتمعات. هذا النوع من الانتهاكات لحقوقهم في الحماية والنمو السليم يعد الأخطر لآثاره المدمرة في حياتهم الآن وأثره على نموهم الجسدي والنفسي والاجتماعي العاطفي، ويمتد أيضًا على مقدرتهم في الاندماج في المجتمع والتمتع بمستقبل آمن وحياة سعيدة.
الاستغلال الجنسي للأطفال ليس مجرد انتهاك للحظة عابرة، بل جرح غائر قد يحدد شكل مستقبلهم بأكمله إذا لم تتم معالجته مبكرًا. إن حماية الأطفال مسؤولية جماعية، تبدأ من الأسرة ولا تنتهي عند حدود الدولة، لأن ضمان طفولة آمنة هو الأساس لبناء مجتمع متوازن وصحي.
سوف نتناول الموضوع في حلقتين: الأولى سنلقي الضوء على التعريفات الأساسية للتحرش، والمتحرش حسب التصنيفات العلمية والقوانين الدولية. في الحلقة الثانية سوف نتناول مخاطر الاستغلال والتحرش في نمو الأطفال وطرق المعالجة والمنع لحماية الأطفال من الآثار المدمرة.
تعريف الاستغلال الجنسي:
تعرف منظمة الصحة العالمية (WHO) الاستغلال الجنسي للأطفال بأنه: إشراك الطفل في نشاط جنسي لا يفهمه بشكل كامل، أو لا يستطيع إعطاء موافقة واعية عليه، أو غير مستعد لتطوره النفسي والجسدي (WHO, 2022). يمثل هذا النوع من الانتهاك أحد أشكال العنف الأكثر خفاءً بسبب الوصمة المجتمعية والخوف من التبليغ، ومع ذلك تشير التقديرات العالمية إلى أن ما يقارب 1 من كل 5 فتيات، و1 من كل 13 فتى قد يتعرضون لشكل من أشكال الاعتداء الجنسي قبل سن 18 سنة.
أفعال جنسية أو ذات طابع جنسي من قبل شخص أو أكثر على طفل دون سن البلوغ (منظمة إنقاذ الطفولة، 2003). يدخل ضمنها:
-استخدام الأطفال في المواد الإباحية: تصوير طفل/ة يمارس سلوكًا جنسيًا صريحًا، سواء كان حقيقيًا أو مفتعلًا، أو عرض الأعضاء التناسلية للمشاهد، وينطوي كذلك على إنتاج وتوزيع أو استخدام.
-الأطفال في الدعارة أو البغاء: فعل أو إجبار الطفل/ة كي يقوم/ تقوم بعمل جنسي مع شخص لقاء مبلغ من المال، أو غيره كبدل أو مكافأة (أنو، 1986).
-الاتجار بالأطفال بهدف الاستغلال الجنسي: الاعتداء الجنسي من قبل البالغين مقابل مكافأة نقدية أو عينية للطفل أو لطرف ثالث. يتم التعامل مع الطفل/ة على أنه/ ا غرض جنسي وتجاري (كليفت وسيمون، 2000).
– التحرش الجنسي بالطفل: تصرفات جنسية مضايقة من قبل البالغين أو أطفال أكبر سنًا نحو أطفال دون سن البلوغ. قد تشمل أنشطة كالمداعبة، عرض مواد إباحية على القاصرين، أو القيام بعروض فاسقة للقاصرين (الرابطة الأمريكية للطب النفسي، الطبعة الرابعة، 2000).
– الإساءة الجنسية من غير اتصال: التعديات الجنسية التي لا تنطوي على الاتصال الجسدي المباشر مع الضحية، مثل العرض غير اللائق، إجراء مكالمات هاتفية بذيئة، أو اختلاس النظر أو التلصص. وتختلف عن الإساءة الجنسية التي تحتوي على التواصل الجسدي كالاغتصاب والمداعبة (المركز الوطني للسلوك الجنسي للشباب، 2003).
باختصار يعرف الاستغلال الجنسي بأنه أي إساءة فعلية أو محاولة انتهاك للضعف أو السلطة التفاضلية أو الثقة لأغراض جنسية، بما في ذلك الاستفادة المالية أو الاجتماعية أو السياسية من الاستغلال الجنسي لشخص آخر. أما الاعتداء الجنسي فهو الاعتداء الجسدي الفعلي أو التهديدي ذو الطابع الجنسي، سواء بالقوة أو في ظل ظروف غير متكافئة أو قسرية.
التحرش جائحة عالمية:
قدرت نسبة الانتشار العالمي للاعتداء الجنسي على الأطفال بنسبة 19.7% للإناث و7.9% للذكور. معظم مرتكبي جرائم الاعتداء الجنسي خبيرون بضحاياهم؛ ونسبة 30% منهم هم أقارب للأطفال، ونحو 60% هم من المعارف الآخرين “كأصدقاء” الأسرة أو العاملين مع الأطفال أو الجيران. وتشكل نسبة الغرباء من المعتدين تقريبًا 10% من حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال.
معظم مرتكبي الاعتداءات الجنسية هم من الرجال؛ وتظهر الدراسات حول المتحرشين بالأطفال من الإناث أن النساء يرتكبن نسبة 14% إلى 40% من الجرائم المبلغ عنها ضد الأولاد و6% من الجرائم المبلغ عنها ضد الفتيات.
تنطبق كلمة “متحرش جنسي بالأطفال” بشكل عشوائي على أي شخص يتحرش جنسيًا بطفل، لكن مرتكبي جرائم الاعتداءات الجنسية على الأطفال ليسوا متحرشين بالأطفال إلا في حال كان لديهم اهتمام جنسي شديد بالأطفال اليافعين. وفقًا للقانون، يستخدم الاعتداء الجنسي على الأطفال غالبًا كمصطلح شامل يصف الجرائم الجنائية والمدنية التي يمارس فيها شخص بالغ نشاطًا جنسيًا مع قاصر أو يستغل قاصرًا لغرض الإمتاع الجنسي.
صرحت الجمعية الأمريكية لعلم النفس أن “الأطفال لا يمكنهم الموافقة على ممارسة النشاط الجنسي مع بالغين”، وتدين أي عمل من هذا القبيل يقوم به شخص بالغ: “إن الشخص البالغ الذي يمارس نشاطًا جنسيًا مع طفل يقوم بعمل إجرامي ولا يمكن اعتباره أبدًا سلوكًا طبيعيًا أو مقبولًا اجتماعيًا”.
Leave a Reply