اعرف بلدك… جبال مرة الحلقة (9)

صحيفة الهدف

الأستاذ شمس الدين احمد صالح

جبال مرة أراضيها بركانية مع توفر المياه في وديان دائمة الجريان مع معدل عالي للأمطار الصيفية؛ أصبحت المنطقة من أخصب أراضي العالم حيث تنمو فيها جميع المحاصيل الزراعية والبساتين بمختلف أنواعها. ولذلك تعتبر الزراعة من أهم الحرف لسكان منطقة جبال مرة، بالإضافة إلى الحرف الأخرى خاصة الرعي والذي تتدرجت كثافته من أعالي الجبال إلى المنحدرات والسهول، وبالتالي هناك صراع موارد حول الجبل بين المزارع والراعي، وهو سبب التوترات الدائمة بين القبائل التي تقطن في المنحدرات وسهول الجبال التي فيها كثافة في الرعي وبين القبائل الزراعية التي تقطن في أعالي الجبال وكهوفها، في ظل التنامي المستمر لعدد السكان الزراعيين الطالبين أراضي للزراعة، وعدد الحيوانات المحتاجة للمراعي، في غياب الدولة بشكل كامل عن تنمية الموارد المحدودة وخلق وئام بين الزراعة بشقيها النباتي والحيواني، كما هو الحال في بلدان العالم المتطورة، بل قامت الأنظمة الفاسدة والظالمة والمستبدة ووكلائها المحليين، بخلق تنازع بين سكان هذه الجبال ومنحدراتها، وتحولت نِعم هذه المنطقة إلى نقمة، وواحدة من أسباب قيام حركات الكفاح المسلحة بالمنطقة هي الحكومات العاجزة عن تقديم أي من الخدمات، وتأجيج النعرات العنصرية والقبلية بين السكان، ولكن بعد ثورة ديسمبر المجيدة معظم مكونات المنطقة أدركت أن الصراع السياسي والاجتماعي الحقيقي ليس أفقيًا بين القبائل؛ بل صراع رأسي بين عموم السكان بالمنطقة وكل السودان، مع النخب التي تولت السلطة في الخرطوم منذ الاستقلال إلى يومنا هذا. والآن هناك تجارب ثرة في الحفاظ على التعايش السلمي بين القبائل في جبال مرة وحولها، والتي نطلق عليها مناطق التمازج، مثل قبائل منطقة كأس الذين يحلون مشاكلهم عبر مجلس أمير القبائل ابن السياسي المحنك طيب الله ثراه أبو منصور عبد القادر. وكذلك تجربة منطقة نرتتي والمناطق المجاورة لها عبر لجان التعايش السلمي والتآخي، أصبحوا قادرين على احتواء مشاكلهم قبل تفاقمها أو تداركها قبل الحدوث، فمنطقة جبال مرة هي المنطقة الوحيدة في إقليم دارفور التي لم تجرِ فيها عمليات حربية في ظل حرب 15 أبريل العبثية؛ بل أصبحت قبلة للنازحين من كل مناطق دارفور الأخرى بصفة خاصة والسودان بصفة عامة، ويمكن أن نقول إضافة لذلك أنّ موقف حركة تحرير السودان قيادة الأستاذ عبد الواحد من حرب 15 أبريل العبثية، هو الذى نجّا المنطقة من الحروبات، على الرغم من وجود جميع التشكيلات المتحاربة وغير المتحاربة، إلا أنهم جميعًا ملتزمون بشعار لا للحرب نعم للسلام.

نواصل.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.