شركات الاتصالات والتحايل على المشتركين

صحيفة الهدف

أحمد مختار
#ملف_الهدف_الاقتصادي
تأثير ثورة الاتصالات في حياة المواطنين لا يخفى على أحد، وخدماتها التي سهّلت حياتهم كثيرة ومتعدّدة، ولكن هل ذلك يبرر تحايلها على المشتركين بالإغراء واستخدام وسائل غير مقبولة، والتحايل على سحب أموالهم بذرائع الإعلانات، والتحكّم في العواطف والميول، بنشر ثقافة الإلهاء والإغراء؟
(آلاء التوم) طالبة جامعية، تقول إن الهاتف الذكي أصبح جزءًا منها ويشكّل 90% من شخصيتها، وأنها لا تتصوّر حياتها بدونه، وترى أن أغلب الشباب يشاركونها هذا الفهم. أما (قاسم أحمد)، طالب في جامعة أخرى، فيقول إنه كاد أن يجن حين تعرّض هاتفه للعطل، وأن تفكيره شُلّ بفقده التواصل مع أصحابه وأصدقائه.
فماذا يحدث في حياتنا؟ هل سيطرت شركات الاتصالات على مشاعر وعقول الجميع، وتجرّهم الآن مرغمين إلى ما تريد؟ “ريح بالك يوم – ريح بالك أسبوع – اتصل ولا تتردد – أغاني البهجة – إنترنت مجاني لكل سوداني – ريح بالك كمّل مالك – اتصل على خالك”، كل الهواتف تضج برسائل لا أول لها ولا آخر، وبلا فائدة.
أين الإدارات المعنية بالرضا المجتمعي في تلك الشركات التي تفرض على المشتركين استقبال إعلانات غزيرة دون إرادتهم، بعشرات الإعلانات الترفيهية أو الأغاني والنكات الهزيلة والمحتويات التجارية التي تستهدف شريحة الشباب في طور المراهقة، كوسيلة لسحب الرصيد تلقائيًا؟
هذه سرقة لأموال الناس علنًا، دون أن يحاسبها أحد، لأدراكها أن المشترك أصبح أسيرًا لديها، لا يستطيع الاستغناء عن خدمات الاتصال والتواصل وقضاء حوائجه اليومية، وفي نفس الوقت لا يملك لوحده القدرة على مواجهة إعلانات شركات تفرض عليه خدماتها بالقوة، ورضاه أو سخطه آخر ما تفكّر فيه، لأنه مضطر للتعامل معها، وليس له أكثر من ثلاثة خيارات.
وزاد الطينة بلة قرار وزير المالية في حكومة “الأمر الواقع”، القاضي بزيادة ضرائب الاتصالات لإدراكه حيوية هذا القطاع وإمكانية استثمار حيويته في هذه المرحلة. الفضاء السوداني محتكر ويتقاسمه ثلاث شركات فقط، والتنافس بينها ليس لتطوير الخدمات وتجويدها، بل لإغراء المشتركين والتحايل عليهم. ومع الحرب التي أحالت كل خدمة إلى مسرح من الفوضى، غاب الضمير وانعدمت المحاسبة.
من يوقف رسائل الشركات المزعجة من الفقراء والكادحين في المدن والأرياف والبوادي، الذين لا يملكون ترف الأجهزة الذكية؟ ومن يُوقف تعدي الشركات على أموال وحقوق المشتركين بالباطل؟
ما موقف القانون من سلوك شركات الاتصالات التي تعمل بلا قانون أو لائحة لزعزعة ثقة المواطن فيما يقرأ ويسمع؟ وكيف يُقاس النجاح والفشل، هل بعدد المشتركين فيها أم بجودة ورُقي الخدمة التي تقدّمها ورضاهم عنها؟

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.