
عبد المنعم مختار
#ملف_الهدف_الاقتصادي
يمتلك السودان ثروة سمكية هائلة بفضل نهر النيل وروافده والبحيرات الداخلية، إضافة إلى سواحل البحر الأحمر. هذه المسطحات المائية تجعل البلاد واحدة من أغنى الدول بالأسماك في المنطقة، وقادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي بل وحتى التصدير، غير أن الواقع يعكس صورة مختلفة مليئة بالتحديات.
الجهات المسؤولة: تقع مسؤولية إدارة الثروة السمكية على وزارة الثروة الحيوانية والسمكية وبعض الهيئات الولائية، لكن ضعف التنسيق وقلة الموارد جعلا الاهتمام بهذا القطاع هامشياً، مقارنة بما يمكن أن يحققه من فوائد اقتصادية وغذائية.
أسواق السمك والأسعار: تشير التقديرات إلى أن السودان يُنتج سنوياً ما بين 33 ألف طن و87 ألف طن من الأسماك، لكن الإنتاج تراجع بعد عام 2012 ولم يتجاوز 42 ألف طن في السنوات الأخيرة. ويُظهر توزيع الإنتاج أن النيل الأبيض وحده يوفّر أكثر من 80% من إنتاج المياه الداخلية، بينما تأتي النسب الباقية من النيل الأزرق، عطبرة، والسدود المختلفة.
ورغم هذه الكميات، فإن حضور السمك في الأسواق ضعيف. ففي الخرطوم مثلاً يتراوح سعر الكيلو بين 2,000 و10,000 جنيه، بينما يصل سعر الكيلو من اللحوم الحمراء إلى 10,000 – 20,000 جنيه وأكثر، أي أن السمك يظل أرخص نسبياً لكنه لا يحظى بالطلب المتوقع. أما الدواجن فسعرها عادة أقرب إلى أسعار السمك، لكنها تحظى بانتشار أكبر بسبب توفرها وسهولة تربيتها.
وتشير تقارير محلية إلى أن كميات معتبرة من الأسماك تضيع بسبب غياب وسائل النقل المبردة والتخزين الجيد، ما يرفع حجم الفاقد ويحد من الاستفادة من الإنتاج الفعلي.
أنواع الأسماك: يتنوع المخزون السمكي في السودان بشكل لافت، ففي المياه الداخلية نجد البلطي، العجل، القرموط، والبياض، بينما يوفر البحر الأحمر أنواعاً بحرية مثل الناجل، الهامور، والسردين. هذا التنوع يمنح السودان ميزة نسبية في الإنتاج لو تم استثماره وتطوير سلاسل القيمة الخاصة به.
دور السمك في الاقتصاد والغذاء: يمكن للسمك أن يكون مورداً اقتصادياً مهماً عبر التصدير، وفي الوقت نفسه بديلاً غذائياً غنياً بالبروتين ورخيص التكلفة مقارنة باللحوم الحمراء. وجوده بكثرة على موائد السودانيين كفيل بتخفيف أعباء المعيشة وتحقيق قدر من الأمن الغذائي، خاصة مع الارتفاع الجنوني في أسعار اللحوم.
أسباب ضعف الاستفادة: رغم الإمكانات الهائلة، يبقى استثمار الثروة السمكية محدوداً بسبب:
– ضعف البنية التحتية للصيد والتخزين والتبريد.
– مشاكل الترحيل وانعدام وسائل النقل المبردة.
– غياب الاستثمارات الحكومية والخاصة الجادة.
– نقص الإعلام والتوعية بأهمية السمك غذائياً واقتصادياً.
– قلة التعليم والبحث العلمي المتخصص، حيث لا توجد إلا كليات ومعاهد محدودة وضعيفة التمويل.
إمكانات السودان لو توفرت الشروط: إذا توفرت الإرادة الحكومية الجادة، وأُنشئت بنية تحتية حديثة للصيد والتخزين والتوزيع، ووضعت سياسات تساعد على سهولة الحصول على عمليات تمويل ميسرة ومربحة من خلال تجميع صغار الصيادين في جمعيات تسهل عمليات الحصول على التمويل وبناء أسواق كاملة ومجهزة بكل البنيات الأساسية عبر شراكات من الحكومة والصيادين، ودُعمت الكليات والمعاهد المتخصصة، مع تفعيل دور الإعلام والاتصالات، فإن السودان قادر على تحويل ثروته السمكية إلى رافد اقتصادي رئيسي، ومصدر لتخفيف أعباء المعيشة، وأداة لتحقيق الأمن الغذائي، بل ومورداً للتصدير يعزز الميزان التجاري.
Leave a Reply