
الأستاذ شمس الدين أحمد صالح
ذكرنا في الحلقات السابقة، أن جبال مرة هي منطقة شاسعة ذات مساحة ممتدة إلى كل ولايات دارفور، شمالها وغربها وجنوبها وشرقها، ومن المخِّل أن نُطلق عليه جبل مرة، بل هي مجموعة جبال ممتدة سلسلتها غربًا وجنوبًا حتى حدود دولتي تشاد وأفريقيا الوسطى، وشرقًا حتى جبال داجو شرق نيالا وغرب ولاية شرق دارفور، وشمالًا حتى جبال كتم ووادي هور، أي بمعنى أنها هضبة ممتدة في كل الاتجاهات، ومساحتها أكبر من مساحة دولة بلجيكا. ووصفتها الأمم المتحدة بأنها من أكثر مناطق العالم ذات الجمال الطبيعي. وتتنوع فيها المناخات؛ فيها مناخ شبه الصحراء في الجزء الشمال الشرقي، والسافنا الفقيرة شرقًا، والسافنا الغنية في الجنوب والغرب، ثم مناخ البحر الأبيض المتوسط في أعالي القمم العالية أو وسطها، مع وجود خطوط تقسيم مياه طبيعية تتوزع مياهها في جميع الاتجهات الجغرافية، مع وجود أنهار ووديان دائمة الجريان، وموسمية، بعضها مياهها مالحة وأخرى عذبة، وينابيع ساخنة وباردة، وتوجد بحيرتان في أعالي القمة في منطقة دَرِيبة (بفتح الدال وكسر الراء). ومن عجائب هاتين البحيرتين أحدهما مالحة وأخرى عذبة في منطقة مجاورة، وبهما خاصية ارتفاع الجاذبية؛ إذا اقترب الفرد منهما يغرق بالجاذبية الموجودة بهما، وقد غرق عدد من السواح الأوروبيين في أواخر الستينيات والسبعينيات.
بنيت استراحات في منطقة سوني بأمر من الرئيس إبراهيم عبود، وهذه قصة سنفرد لها حلقة خاصة.
ومما يتم تداوله وسط الأهالي كأساطير محلية على هاتين البحيرتين؛ أن أحدهما أنثى، وهي الأكبر مساحةً، والثانية، الأصغر مساحةً، ذكر. وتصل درجة حرارة هذه المنطقة في فصل الشتاء إلى درجة التجمد، 5 درجات تحت الصفر المئوي، مثل مناطق لوكي وتورنتوا وترنج.
ومن نوادر هذه المنطقة الباردة جدًا؛ أن الأبقار لا تتكاثر فيها ويتحول شكل البقرة إلى شكل التور مع نمو منطقة السنام المميزة للثيران، ذكور الأبقار. بالإضافة لذلك توجد عديد من الشلالات متدفقة المياه على امتداد الاتجاهات الأربعة، ووديان دائمة الجريان وأخرى موسمية، وخلاصة جمال هذه المنطقة يكمن في أغنية الفنان المبدع خليل إسماعيل الذي اتيحت له فرصة زيارة المنطقة (لو زرت مرة جبل مرة، يعاودك حنين طول السنين.. الخ الأغنية ). وأنا اقول إنها جنة الدنيا في الأرض، مع دعواتنا أن يعم السلام ربوع البلاد ويتاح لكل إنسان سوداني قادر وراغب من أبناء وبنات شعبنا زيارة جبال مرة.
يردد بعض نازحي حرب 15 أبريل العبثية، الذين جاءوا إلى جبال مرة من مناطق متفرقة من السودان “رب ضارة نافعة” (لولا حرب 15 أبريل، رغم مرارة التجربة، ما كان شُفنا جبال مرة ذات الطبيعة الساحرة بل شاء القدر أن نسكن فيها).
نواصل
Leave a Reply