
بابكر الشريدي
#ملف_الهدف_الثقافي
طيور على الأغصان
نحن غرباء
أشكالها فسيفساء
للناس منها ألوانها وريشها الجميل
وأصواتها في الصباح والمساء
وزينة البيوت والأرجاء
في صدورنا حزن مكبوت
وحلم قبل أن يولد يموت
واشواق اللقاء
بالظلال والغيوم
بلا ابتداء ولا انتهاء
نفترق صباحآ كشعاع
الشمس خيوطآ إثر خيوط
في رحلة الصيف والربيع والخريف والشتاء
ثم نأوي إلى بيت كبيت العنكبوت
يأكلنا فيه التعب والشقاء
يفترسنا الأنين
ونلتحف السماء
ولا سماء
تلفظنا هذي البيوت صباحآ
وتلمنا مكرهة ذات مساء
ننام حين يأمرنا التعب
ونصحو حين يتعب
منا التعب
وتنطوي أحلامنا
ثم ننتعل العناء
نمضي كنمل
في رحلة القوت
ونعود ليلآ لهذي البيوت
فتلمنا كما يلم الشوك افراخآ
سقط العش منها وانهدم البناء
*
طيور على الأغصان نحن غرباء
البعض يلقمنا حجارة
ودون ذنب
يفتعل شجارآ
والبعض يلقي علينا السلام
حين يفاجئه منا سؤال لم يكن في انتظاره
وهو يتأمل فينا لون المساء
يكاد يلامس أجسادنا
اهو حق
أم طلاء ؟
لماذا تحدق فينا
وتبدي انبهارا ؟
أرأيت عماليق
جاءوا من ازمان بعيدة ؟
أم أنها العنقاء حطت
على رؤوس الناس نهارا ؟
غض الطرف عنا وقل في سرك ما تشاء
يا هذا
ما بأيدينا خلقنا
لكنها آية الله حين شاء
أن يكون الأبنوس لنا كساء
أو يكون لون الأرض لوننا
تبارك رب الأرض والسماء ربنا
*
طيور على الأغصان نحن غرباء
يستوي عندها الصيف والشتاء
يمر عليها الربيع بلا ربيع أو زهور أو غناء
يمر الخريف
بلا رعود أو بروق
أو حفيف
فتخشع في صلاة
وقنوت
لتطرد الجدب المخيف
لاجئون في طرق الحياة الخفية
عبر المتاهات العتية
نمضي من رصيف لرصيف
السراب ماؤنا
والبدر لنا رغيف
أو كما قال درويش
الشفيف
نشبه بعضنا
وأرضنا وطين البيوت
لا يهم الناس من نحن
كيف نحيا أو نموت
ما يهم البعض أنا اجراء بفتات
ألقت بنا إليهم أقدار الحياة
نرضى بالقليل
نعمل فى سكوت
نعمل ليحيا بعضنا
والبعض يموت
دون ثكل أو بكاء
إلا بكاء الغريب على الغريب
لا يدري هل يبكي ميتآ ارتاح من هذا العناء
أم يبكي حيّنا
الموعود حتما بالفناء
نودع بعضنا عند الصلاة وتودعنا البيوت
الموت هنا لا يشبه موتنا
ولا النعش يشبه نعشنا
ولا اللحود
سبحانه يعلم بأي ارض نموت
وأي تراب ضمنا
وحين تنسى النعوت
ينمو كالأشجار حزننا
–
طيور على الأغصان نحن غرباء
فى ذاكرة الطريق
بعض مسافرين
وفى ذاكرة المقاهي رواد بلا اسماء
نشد بالحبال
على مقصلة المسافات الخواء
والخوف الرفيق
والغبار
كلنا فى الخوف والغبار سواء
نبتسم حين نرى بعضنا
أشباحآ فى النهار
ونضحك فى سرنا
وما ضرنا
أن نضحك فى سرنا
أو نفجر الضحكات
نآسي بعضنا
من الموت نفر والموت يتبعنا كظلنا
والأصل للحي الفناء
سبحانه من تفرد بالبقاء
- –
طيور على الأغصان نحن غرباء
في ذاكرة الليل
لسنا سوى
أنين المرضى
ودعاء
وارتجاف حين يقسو الشتاء
صرير الباب شهقة عاشق
في انتظار الطارقين
الزائرين اصيلانآ أو مساء
ومن صمت الأواني والأباريق تشكو البيوت
وربما تحدث بعضها
تعيد نوافلها
وتصلي فرضها
فحزن متوحش قد عضها
وبها شوق مستبد لأرضها–
طيور على الأغصان نحن غرباء
تلاشت النعوت والأسماء
اسمنا واحد عند النداء
( يا زول ) اسمنا
يوحدنا كما توحدنا الهموم
جفتنا الريح وتعدانا النسيم
يغالب خطونا
هذا الأديم
وتستمد اعيننا من ذاك السديم
تتناوشنا مخالب الفقر
في الليل البهيم
يومنا كالأمس
نقطعه بالرضا
والغد المجهول
كتاب فتحت صفحاته على ما مضى
أيامنا متشابهات
وعيوننا ذارفات
وحزننا طويل أبدا
طيور على الأغصان نحن غرباء
لنا بظهر الغيب حتمآ موعدا
نعود للديار في المدائن والقرى
للوطن العزيز المفتدى
Leave a Reply