
سعاد عبد القادر القصير
باحثة وكاتبة لبنانية
#ملف_الهدف_الثقافي
حزيران شهر المعجزات الدّوليّة؟ مؤتمر مدرير يلوّح في الأفق في سبيل الاعتراف بدولتين: فلسطين والأراضي المحتلّة، وهل من الممكن أن نعترف باسرائيل دولة سيّدة حرّة مستقلّة؟
وهل السّلام متوقّف على قبول العرب بهذا الاعتراف؟ والغريب أنّ بعض العرب قد يعتبره انتصارًا في سبيل وقف الحرب على غزّة، والإبادة الجماعيّة التي تعرّض لها الشّعب الغزّاوي مؤخّرًا، والشّعب الفلسطينيّ على وجه العموم.
وما يثير السّخريّة، أنّ الدّول الدّاعمة للكيان الصّهيونيّ تحاصره وتضغط عليه ليقبل بالأمر الواقع، حدود مستجدّة، ودولتين مستحدثتين على الخريطة العالميّة. ويستمر الضّغط على الحكومة المعتدية والحكومة المعتدى عليها، على السّواء، في سبيل إحقاق السّلام “المفتعل” في منطقة الشّرق الأوسط. فهل يكون هذا بداية تطبيع علنيّ مع الكيان الصّهيونيّ؟
ربّما يظنّ العديد، وأقول العديد وليس البعض عن سبق اصرار وتصميم، بأنّ العرب لم يعد يحقّ لهم حتى في إبداء الرّأي بما يحصل اليوم تحضيرًا لهذا المؤتمر التّاريخيّ الذي سيعيد رسم مستقبل البلاد العربيّة، لأنّهم كانوا السّبب المباشر في خذلان الشّعب الفلسطينيّ منذ العام 1948 حتى اليوم، بغض النّظر عن طوفان الأقصى وتبعاته. فمنذ الاحتلال وحتى اليوم سارت الأمور بشكل عكسيّ عن توقّعات الشّعوب التي آمنت بالقضيّة، والتي بيعت على “بسطات” المصالح الشّخصيّة للحكومات العربيّة، و(على حجّة شو طالع بإيدنا) قالو لنا كفّوا أيديكم وألسنتكم و(خليكن على جنب).
ولن أناقش علاقة العرب باحتلال الأراضي الفلسطينيّة والمقاومة على مرّ السّنوات، وإنّما المضحك المبكي اليوم هو إقامة مؤتمر عالميّ من أجل الاعتراف بدولة معتدى عليها، على أنّها دولة قائمة بذاتها (أنّو عفوًا؟؟ كيف يعني؟).
على مبدأ المساواة، شعبين، دولتين، حدود وسلام عام في المنطقة، فماذا عن مبدأ العدل والعدالة؟ فهل يتساوى الجلّاد بالضّحية؟ وهل يجلس القاتل والمقتول على المقعد الواحد في مجلس الأمم المتّحدة؟
غريبة هذه المعادلة بين العدل والمساواة، فكيف سيتعاطى العرب اليوم مع هذا المؤتمر؟ وهل لنا الحقّ أصلًا في الاعتراض وإبداء الرّأي أنّ فلسطين وفلسطين المحتلًة هي دولة واحدة ولا مجال لفرض دويلة (كالشّوكة في الحلق) بيننا؟
أكاد أجزم أنّ البعض يتطلّع شوقًا إلى قرارات هذا المؤتمر باعتباره يحمل معه رسالة النّجاة إلى المنطقة ككلّ، وما إلى ذلك من تبعات في التّنفس الاقتصاديّ والحربيّ، فقد آن لنا العيش حياة رغد وراحة بعيدة عن التّوترات العسكريّة والسّياسيّة، (بيقتلو القتيل وبيمشو بجنازتو).
لا شكّ أنّنا نتمنى انتهاء الاعتداء على الدّولة الفلسطينيّة بشكل خاص، والعالم العربيّ بشكل عام، ولكن هل الحلّ المطروح اليوم بالرّضوخ والقبول بدولة الاحتلال هو قشّة نجاتنا؟ والمشكلة أنّ المؤتمر يدرس الاعتراف بدولة فلسطين معتبرًا أنّ الكيان دولة قائمة وتحتاج إلى تنفّس الصّعداء لينعم شعبها بالاستقرار الأمنيّ.
لا شكّ أنّهم سيقرّرون، فهل سننفّذ بصمت؟
Leave a Reply