
د. امتثال بشير
#ملف_الهدف_الثقافي
“وإذا كانت النفوس كبارًا تعبت في مرادها الأجسام”
المتنبي
في زمن يتغير فيه العالم وتتصاعد التحديات الاقتصادية والتكنولوجية، تبرز الريادة كصفة مميزة للشباب، دافعها الطموح والمبادرة وروح الإصرار والمثابرة.
الشباب حاليًا في كل دول العالم يخوضون معارك ضارية لأجل المستقبل، سيما في الدول التي تعاني من عدم استقرار وأمان ومستقبل مجهول.
في ظل هذا الواقع خاض الشباب في السودان غمار العمل التطوعي بروح ريادية تستحق الإعجاب. في بلد يواجه تحديات اجتماعية واقتصادية عميقة، لم يقفوا مكتوفي الأيدي، بل ارتقوا بدورهم من مجرد متطوعين إلى رواد مبادرة يبتكرون الحلول ويقودون التغيير.
مبادرة شباب السودان في ظل التحديات المتعددة التي تواجه المجتمع، من أزمات اقتصادية وتعقيدات اجتماعية إلى صراعات داخلية، تُبرز العمل التطوعي كرافعة حقيقية للتنمية والتغيير. ومن وسط هذه المعاناة يبرز دورهم كطاقة متقدة لا تنضب يقودها الإيمان بقدرتهم على صنع واقع أفضل مهما تعاظمت العقبات.
لم يعد العمل التطوعي في السودان مجرد نشاط جانبي أو وقت فراغ يُستثمر، بل أصبح مسارًا فعالًا للتنمية المجتمعية وأداة للتعبير عن المسؤولية والالتزام. والأهم من ذلك، برزت منصات تطوعية شكلت خارطة تنير الطريق لبناء جيل يقود لا يُقاد.
شهد السودان خلال السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في المبادرات الشبابية والمنظمات التي تحتضن العمل التطوعي، وتوفر فرصًا للشباب في تقديم خدمات مجتمعية متنوعة وتنمية مهاراتهم في مجالات التخطيط والتنظيم، معتمدًا بشكل رئيس على طاقات المتطوعين في تنفيذ أنشطته الإغاثية والإنسانية.
العمل العام الإنساني يرسخ ثقافة التطوع من خلال ورش العمل والدورات التدريبية والأنشطة التوعوية، التي تمنح الشباب فرصًا محلية ودولية للمشاركة في مشاريع تنموية وإنسانية متعددة.
فوائد العمل التطوعي كثيرة، فهي ليست فقط خدمة للمجتمع، بل أيضًا استثمار في الفرد والموارد البشرية عمومًا. يسهم التطوع في تنمية المهارات الشخصية كالقيادة والتواصل والعمل الجماعي، ويوسع الشبكات الاجتماعية عبر التفاعل مع منظمات المجتمع المدني والجهات الفاعلة، ويعزز الشعور بالانتماء والمسؤولية، بما يقوي ارتباط الشباب بقضايا مجتمعهم ويشجعهم على المبادرة والمشاركة الفاعلة.
الشاهد أن شباب السودان تجاوزوا حدود المشاركة إلى صناعة المبادرة وأضحوا قادة وروادًا في مجالات تطوعية متعددة. لا يكتفون بأداء المهام بل يصممون ويبتكرون المشاريع ويصنعون الحلول، سواء في مبادرات التوعية الصحية أو مشاريع محو الأمية أو دعم الفئات الهشة.
بحق، أثبت الشباب نضجًا كبيرًا ووضعوا رؤى مستقبلية تحيل التطوع إلى ريادة مجتمعية حقيقية في أيدٍ مبادرة.
ختامًا، ما يقدمه شباب السودان في ميدان العمل التطوعي ليس مجرد جهود عابرة، بل نموذج مُلهم لريادة مجتمعية تُبنى بالإرادة والتضامن والعطاء. وكلما أُتيحت لهم المساحة والدعم، كانوا أكثر قدرة على صنع الفارق.
ما نحتاجه اليوم هو ترسيخ ثقافة التطوع كمكون أساسي في الهوية المجتمعية وتعزيز البنية التي تتيح للشباب الإبداع والريادة والمبادرة. فالمستقبل لا ينتظر بل يُصنع بأيديهم.
Leave a Reply