بيان لقيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي يدعو لتوسيع المشاركة السياسية في البناء الوطني

صحيفة الهدف

المناعة الوطنية تسقط المشاريع التقسيمية ومخاطر التطبيع

حزب البعث العربي الاشتراكي

القيادة القومية

قيادة قطر سوريا

أكدت القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا، إن توجيه ضربة للمشروع الإيراني في مقتله وانكفائه عن الساحة السورية كما إسقاط النظام الذي وفر له كل التسهيلات لتغوله في الجغرافيا السورية، لا يكفيان لوحدهما لتمكين سورية من استعادة موقعها ودورها القوميين، بل الأمر يتطلب إعادة بناء سوريا بناء وطنياً يكون قادراً على مواجهة التحديات التي تهدد الأمن الوطني وفي طليعتها التهديد الصهيوني المتصاعد، كما التشديد على مواجهة كل الدعوات والمشاريع المشبوهة التي تهدد الوحدة الوطنية.

جاء ذلك في بيان لقيادة قطر سوريا تلقت الهدف نسخه منه، فيما يلي نصه:

بعد تسعة أشهر على سقوط النظام الذي ارتكب كل الموبقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بحق شعب سوريا، وانكفاء المشروع الإيراني الشعوبي الذي أمعن تدميراً في البنية الوطنية السورية واتخذ ساحتها منصة لتغوله في العمق العربي؛ ما زالت سوريا تواجه تحديات كبيرة، بعضها يتعلق بتصاعد العدوانية الصهيونية وآخرها الغارات التي شنت على حمص وتدمر واللاذقية، وقبلها على ضواحي دمشق ومنطقة الجنوب السوري المتآخمة لفلسطين المحتلة، فضلاً عن تدخل العدو الصهيوني المكشوف في الشأن الداخلي عبر تقديم نفسه حامياً لمجموعات تستقوي به لتحسين مواقعها على حساب انتمائها الوطني وأخطر دعواتها المجاهرة بالمطالبة بحق تقرير المصير والذي يحاكي دعوات مماثلة في مناطق أخرى في شمال شرق  سوريا وفي تهديد صريح للوحدة الوطنية التي تتجسد بوحدة الأرض والشعب والمؤسسات.

إن قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي، وهي تدين وتستنكر كل الدعوات المشبوهة التي تدعو للانسلاخ عن الجسم الوطني لسوريا، تعتبر هذه الدعوات هي استجابة لاملاءات خارجية من كل الذين يضمرون شراً بسوريا ولا يريدون لها أن تستعيد دورها وموقعها القوميين، والذين تميزت بهما منذ تفتح الوعي الوطني بكل أبعاده القومية لدى جماهيرها وكانت دائماً طليعية في مواجهات المخاطر التي تهدد الأمن القومي، أياً كانت مواقعها ومصادرها.

وإذا كان حزبنا، حزب البعث العربي الاشتراكي، والذي كان في طليعة القوى التي تصدت للنظام السابق بكل إنحرافاته الوطنية والقومية كما تصديه للمشروع الشعوبي الإيراني، ويرى في إسقاط النظام وتوجيه ضربة قاتلة للمشروع الإيراني هما على قدر كبير من الايجابية تجاه الأمة العربية وقضاياها الحيوية؛ إلا أن هاتين الإيجابيتن ليستا كافيتين لتمكين سوريا من مواجهة التحديات الكبيرة التي تعترض مسيرة استنهاضها واستعادة دورها. ولذلك فإنه بقدر ما هو مهم الوقوف عند النتائج الإيجابية التي ترتبت على إسقاط حكم القمع والاستبداد والتوريث السلطوي وضرب المشروع الإيراني، وهذا مدخل لا بد منه للانتقال بسوريا إلى واقع سياسي جديد؛ إلا أن الأهم من ذلك هو إعادة بناء سوريا بناءً وطنياً يجعلها قادرة على التصدي للمشروع الصهيوني التوسعي ولكل من تستبطنه نوازع الهيمنة على الوطن العربي، كما يجعلها قادرة على التصدي لمشاريع القوى التقسيمية والتي تستقوي بالخارج الدولي والإقليمي حتى ولو كان هذا الخارج العدو الصهيوني.

وهو الذي يصعد من عدوانه شبه اليومي مستغلاً معطى المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا والعجز العربي عن اتخاذ موقف عملي ورداع للعدو ولكل داعميه.

إن حزبنا، حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي يعي جيداً حجم المصاعب التي تعيشها سوريا حالياً، وما تضطلع به إدارة الحكم الحالية لجهة إعادة الانتظام لدورة الحياة العامة وتسيير شؤون الناس والمواطنين، إلا أن ما يجعل سوريا قادرة على مواجهة التحديات والصعوبات التي تعترض مسيرة استنهاضها، هو اعتمادها بالدرجة الأولى على أبنائها المخلصين لها والمضحين من أجلها وإبداء استعدادهم العالي للمساهمة في ورشة البناء السياسي لإنتاج نظام سياسي يقوم على أساس الفصل بين السلطات وتداولها وتجذير ثقافة المواطنة على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات دون تميز أو تمييز بين ابناء الشعب الواحد الذي يجب أن يبقى مشدوداً إلى ولائه الوطني بعيداً عن أية ولاءات أخرى سواء إثنية أو جهوية أو تنوع في الانتماءات الدينية المعتقدية.

من هنا، فإن قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي، وهي ترى أن سوريا اليوم، إنما هي في عين العاصفة، تدعو إدارة الحكم الحالية إلى الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني يشارك فيه كل الطيف السياسي الوطني، بغية تأمين قاعدة ارتكاز داخلية لمواجهة تحديات الخارج والنزعات التقسيمية التي تغذيها القوى المعادية لسوريا وتعمل للاستثمار بها على حساب الأمن الوطني وأمن المواطن. وهذا المؤتمر الوطني بقدر ما يكون معنياً بتحشيد الجهد الوطني لتحصين جبهة الداخل من الاختراقات المعادية؛ يجب أن يكون أطرافه محصنون من لوثة الصراع على السلطة وتوزيع المواقع على أساس المحاصصة، والارتقاء في وعيهم إلى مستوى التحديات التي تستهدف سوريا بدورها وكل قيمها وتاريخها الذي يختزن إرثاً قومياً وإنسانياً عظيماً.

إن قيادة قطر سوريا، إذ تشدّد على إطلاق خطاب التطمين الوطني لكل ابناء شعب سوريا؛ تدعو إلى تطبيق أحكام العدالة الانتقالية بشفافية، والإسراع بإجراءات التحقيق عن الجرائم والإخلالات التي شهدتها بعض المناطق مؤخراً وأدت لكثير من الضحايا من خلال الفعل وردات الفعل، إضافة إلى أضرار في الأملاك العامة والخاصة.

إن قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي، التي تدعو إلى الإسراع في إنجاز خطوات البناء الوطني وتعزيز دور مؤسسات الدولة وخاصة المؤسسات الارتكازية وأولها مؤسسة الجيش الذي يفترض أن يمارس دوره وفق أحكام قانونه الوطني وبعيداً عن تجاذبات السلطة.

وإذا كان العدو الصهيوني يستمر في استهدافه للقواعد العسكرية والمؤسسات ذات الصلة بالجهد العسكري؛ فإن من يناصبون سوريا، كما الأمة، العداء، لا يريدون وجود دولة قوية تكون قادرة على إدارة الصراع مع الاعداء وفي مقدمتهم العدو الصهيوني. ولذلك فإن الرد على المشاريع المعادية التي تستهدف الأمن الوطني لسوريا يتطلب تقوية مرتكزات الدولة الوطنية بوظائفها الاساسية الحمائية والديموقراطية وبوظائفها الرعائية، وإن توسيع دائرة المشاركة السياسية في البناء الوطني بقدر ما يؤدي إلى رفع مستوى المناعة الداخلية في مواجهة القوى التقسمية، ويئد مشاريعها المحمولة على رافعات التدخل الأجنبي؛ فإنها تؤدي أيضاً، وبدرجة أهم، دورها في مواجهة الإملاءات التي تريد دفع سوريا إلى الالتحاق بركب التطبيع والاتفاقات الإبراهيمية وفيها يكمن المقتل الوطني لسوريا، وحذار الوقوع في هذا المحظور أياً كانت الأثمان والتي ستكون أقل بكثير من تلك التي ستدفعها سوريا والأمة فيما لو اندفعت الأمور نحو المنزلق الخطير.

قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي

في 9 / 9 / 2025

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.