
أمجد السيد
لن نمل من الكتابة ولن نتوقف عن التذكير، لأنّ واجبنا الوطني والأخلاقي يفرض علينا أن نرفع الصوت عاليًا في وجه الخراب والتمزق أوقفوا الحرب، توحدوا من أجل الوطن.
لقد أثبتت التجارب المريرة أنّ الانقسام السياسي والصراع على الغنائم لا يُفضي إلا إلى إعادة إنتاج المآسي. وما لم تدرك القوى السياسية والمدنية حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، فإنّ النزيف سيستمر، والوطن سيتآكل قطعة بعد قطعة. إنّ الطريق الوحيد للخلاص يبدأ بجبهة شعبية عريضة، تُعلي راية واحدة وهدفًا واحدًا إيقاف الحرب، والإعداد لانتخابات حرة ونزيهة، تسبقها عملية توافقية على تأسيس أجهزة عدلية مستقلة، تحمي العدالة وتضمن المساواة.
أي محاولة لفرض إدارة انتقالية جديدة بمعزل عن هذا التوافق لن تكون سوى تكرارًا للمآسي، وإطالة لعمر الحرب، وإهدارًا لدماء جديدة.
إنّ شعب السودان لا يحتاج إلى خطابات متنافرة ولا إلى مساومات عبثية، بل إلى فعلٍ وطنيٍ جاد يضع المواطن والوطن في المقام الأول، قبل أي حسابات حزبية أو شخصية. فالأمة اليوم تواجه التشريد والجوع والمرض؛ آلاف يموتون بالكوليرا، وآلاف أخرى بحمى الضنك والملاريا، فيما تغيب أبسط مقومات الخدمة الصحية، إنها مأساة وطنية لا تحتمل الانتظار.
إنّ الكتابة هنا ليست ترفًا ولا اجتهادًا عابرًا، بل فعلٌ له ثمن، وموقفٌ قد يُكلف صاحبه الملاحقة والاعتقال. لكنها مسؤولية لا يمكن التنصل منها، لأنها آخر ما تبقى من صوتٍ في مواجهة الخراب، ووفاءٌ لضحايا لا يجدون من ينصفهم. سنكتب ونكتب، حتى تستجيب القوى السياسية والمدنية لنداء الوطن، وتغادر ضيق المصالح إلى رحابة المسؤولية الوطنية، فالوطن أكبر من الأحزاب، وأبقى من كل خلافات السياسيين.
Leave a Reply