
الدوحة: ممدوح أبّارو
#ملف_ الهدف_ الثقافي
في إطار برنامجها الثقافي المتواصل، احتضنت مكتبة كتارا للرواية العربية الأسبوع الماضي الجلسة السادسة لمجموعة لقاء الفكر والفن والأدب، التي خصصت هذه المرة للقاء مفتوح مع الشاعر والإعلامي أزهري محمد علي، وسط حضور كثيف من محبي الشعر والمتابعين للشأن الثقافي، من السودانيين والمقيمين في الدوحة.
أدارت الحوار باحترافية عالية الإعلامية سارة عووضة، عضو المجموعة، حيث توزعت محاور الأمسية بين قضايا الثقافة العابرة للحدود، ودور المؤسسات الثقافية العربية والدولية مثل مؤسسة كتارا، وإمكان تحول مثل هذه المنابر من فضاءات عرض إلى منصات فاعلة لإنتاج مشروعات مشتركة، وإعادة صياغة العلاقة بين المثقف السوداني وجمهوره داخل الوطن وخارجه. وقد طُرح سؤال محوري ظل يهيمن على النقاش: هل يمكن لهذه المنابر أن تسهم في بلورة خطاب ثقافي سوداني جديد يتجاوز الجغرافيا والحدود السياسية، في ظل الشتات والتحديات التي فرضتها الحرب؟
كما تناول اللقاء أثر المؤسسات الثقافية في حفظ الذاكرة الجمعية للشعوب المهاجرة، خاصة عندما تتعرض أوطانها لأزمات تهدد الإرث الثقافي. وأشار النقاش إلى أن وجود السودانيين في المهجر يمثل في الوقت ذاته مصدر إثراء للتجربة الثقافية عبر التفاعل مع الآخر، لكنه قد يطرح مخاطر فقدان الارتباط بالواقع المحلي.
وتطرق الحوار إلى مستقبل الثقافة والإعلام في السودان بعد الحرب، والفرص والتحديات المرتبطة بدورهما في إعادة البناء الاجتماعي ومواجهة الآثار المتعددة للنزاع على المستويات النفسية والسياسية والثقافية. وطرح الضيف رؤيته لخارطة مثلى للإعلام الثقافي يمكن أن تسهم في تصحيح المسار وتعزيز الهوية الوطنية وتوحيد المجتمع ودعم المصالحة الوطنية، مع التأكيد على الدور الكبير الملقى على الإعلام الثقافي تجاه الجمهور السوداني في هذه المرحلة الحساسة.
الجانب الأدبي من الأمسية ركّز على الشعر والهوية والذاكرة الجمعية، حيث طرح الشاعر أزهري محمد علي رؤيته لدور الشعر في التوفيق بين الهوية الفردية والوطنية، دون الوقوع في مثالية خطابية أو إعادة إنتاج انتقائية للذاكرة الجماعية. وأكد أن الشعر يمكن أن يكون أداة نقدية ومصالحة اجتماعية في آن واحد، بعيدًا عن اختزاله في صوت احتجاجي أو انفعالي، بحيث يوازن بين وظيفته كمرآة للواقع، وأداة لتوجيه الوعي الوطني في مواجهة التحديات المعقدة.
وقد تخللت الجلسة فقرات بصرية وسمعية مميزة، ألقى خلالها الشاعر مختارات من نصوصه التي تفاعل معها الحضور بالتصفيق الحار.
Leave a Reply