
ستنا بشير
وقعت الكارثة على قرية ترسين، بجبل مرة، وابتلعتها الأرض إثر انهيارها جراء الأمطار الغزيرة، التي استمرت طويلاً. هذه المأساة الإنسانية نتاج كارثة طبيعية، قد تقع لأي منا، لكنها أيضًا نتاج الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي اضطر على إثرها الكثير من مواطني دارفور للنزوح إلى جبل مرة، لوعورته وصعوبة الوصول إليه، ما جعل منه ملاذًا آمنًا، ويا لسخرية الأقدار، أصبح مقبرتهم ومستقرهم الأخير!
عقب الكارثة، أطلقت السلطات المدنية التابعة لحركة جيش تحرير السودان، نداءات عاجلة لطلب المساعدات الخارجية من الأمم المتحدة، ووكالات الإغاثة الدولية. بينما تحاول فرق الإنقاذ المحلية العمل في وضع صعب بسبب التربة الطينية وقلة الأدوات المساعدة ونقص الخدمات في المنطقة، ووعورة الطرق التي لا يصلح الحراك فيها الا بواسطة الدواب، ما أدى لتفاقم الوضع وازدياد عدد الضحايا.
وبدلاً من دعم هذا النداء الإنساني؛ تفرق الناس وسلطات الامر الواقع، بين مصدق ومكذب لعدد الضحايا، تركوا الموضوع الأساسي وأصبح النقاش هل هم 1000 ضحية أم 2 فقط، بسبب تسييس المأساة!
هل هذا هو الوقت المناسب لتصفية الحسابات، بينما يموت الناس تحت الأنقاض؟
لكم أن تختاروا منهجكم في إدارة خلافاتكم السياسية، ولكن ليس من حقكم ان تستثمروا في معاناة المواطنين، فإنهم قد اكتووا بما فيه الكفاية بنيران الحرب والنزوح والتجويع والأوبئة، وانعدام الخدمات الاساسية.
إن مثل هذا السلوك لا يمت للأخلاق بصلة، ويخلو من أي اعتبارات إنسانية، ويفضح نظرة دونية للمواطن الذي تتحدثون وتحاربون باسمه.
وهل المهم هو عدد الضحايا، 2 أو ألف، أو حتى واحد؛ أم السرعة في التعامل مع الكارثة، وإنقاذ من يمكن انقاذهم وايوائهم، وتقديم خدمة إسعافية لهم وانتشال الضحايا وسترهم؟
يؤكد طرفا الحرب، كل يوم أن حياة المواطن ليست أولوية لديهما، ويظل استغلال الإعلام لتشتيت وصرف الانتباه عن القضايا الأساسية وإشغال الناس بسفاسف الأمور والقضايا الانصرافية، منهجا مستمرا لهما.
وكما تعودنا يظل الأمل في غرف الطوارئ والمتطوعين من ابناء وبنات البلاد الحريصين على حياة الناس وصحتهم وراحتهم. والشكر والتقدير لمنظمة انقذوا الأطفال، التي تكبدت المشاق للوصول إلى ترسين ومديد العون لضحايا الانهيار الأرضي.
Leave a Reply