
✍️ أمجد السيد
يعيش الشعب السوداني على أرض تذخر بالخيرات، من أراضٍ زراعية شاسعة تكفي لإطعام أضعاف سكانه، وموارد طبيعية لم تُستثمر إلا لمامًا، ومع ذلك ظل هذا الشعب يرزح تحت وطأة الفقر والجوع والمرض. المفارقة المؤلمة أن قلة قليلة من المنتفعين ارتبطت بجسد الدولة عبر كل الحقب السياسية، وتمردغت بانتهازية مفضوحة في أحضان الأنظمة المتعاقبة، فكانت شريكًا أصيلًا في إفقار الأغلبية وتجويعها وإهمالها، وهي ذات الفئة التي تملك المال والثروة على حساب معاناة الشعب.
السياسة في السودان لم تُبنَ على خدمة الوطن، بل على الطمع في السلطة والثروة. والساسة – دون تعميم – ما لبثوا أن انشغلوا بالصراع على الكراسي أكثر من انشغالهم ببناء الدولة. يمارسون الإقصاء، ويستسهلون السجن والقتل لإزاحة خصومهم. وكلما ثار الشعب وانتفض وأطاح بدكتاتور، سرعان ما يتربص دكتاتور جديد بالسلطة ليعيد دورة الاستبداد من جديد.
لقد جاء المتأسلمين عبر انقلاب عسكري، فأقصوا الآخرين وأدلجوا الدولة ومؤسساتها بما فيها الجيش والأجهزة الأمنية. لم يكتفوا بذلك، بل أنشأوا ميليشيات موازية للدولة، لتكون أداة بطش إضافية. وما يشهده السودان اليوم ليس إلا الحصاد المر لسياسات ثلاثين عامًا من حكم المتأسلمين، الذين لا يزالون حتى اليوم يقاتلون من أجل السلطة والثروة ضد إرادة الشعب.
المتأسلمين كما أثبتت التجربة لم يكن الشعب في حساباتهم يومًا. مارسوا القتل والقمع بلا هوادة، وحاولوا إخضاعه بالقوة. لكنهم لن ينجحوا؛ فدولة الظلم، كما وعد الخالق عز وجل، لا يمكن أن تنتصر، ومهما طال ليل القهر فإن الفجر قادم لا محالة.
إن الشعب السوداني، الذي صمد وانتفض وأسقط طغاة الأمس، قادر على أن ينتصر في آخر المطاف. سينهض من تحت الركام، وسيبني دولته الديمقراطية التعددية، دولة يتقاسم فيها أبناؤه ثرواتهم ومواردهم بعدالة، وينعمون فيها بكرامة العيش وحرية الإرادة.
ذلك وعد التاريخ، ووعد الله الحق، وما ضاع حق وراءه مطالب.
Leave a Reply