
د.أشرف مبارك
#ملف_الهدف_الثقافي
قيل له إن الطريق إلى المدينة العامرة، ذات البيوت العالية، طريق للسيارات أسود مثل بساط يمتد بلا نهاية، يطويه فيجد بيوتًا عالية من طوب وحجر، فأخذ يتخيل كيف يمكنه أن يطوي ذلك الطريق، أمثلما يطوى برش الصلاة”.
وقيل له إن الطريق ملئ بالعجائب والمغريات والوحوش المخيفة، البعض أخبره أن هذا الطريق لا يفضي إلى المدينة العامرة، بل هو الطريق إلى الصحراء. وكذلك قال المتفلسفون القادمون من الخرطوم.. بعض الحكماء حذره من المجهول وقالوا إن الطريق إلى الطريق دم ومشنقة وبيد، وقال الشباب أن امض ولا تخف، وأكتب الينا إن توطدت قدماك. قد يكون الطريق شاقًا لكنك ستصل.. قد يكون الطريق أسود، وقد يكون غير ذلك ولكنه لا ينتهي بك إلى الصحراء.. طريق الصحراء نعرفه.. ولو انتهى بك إليها فلا بد أن منها طريق إلى مكان آخر.
بعض الأهل استبشر خيرًا، وبات يحلم بأشياء أبطل الحلم بها منذ زمان، وبعضهم أشفق عليه من مشقة الطريق والغربة، أو خافوا ألا يرجع.. فكر قليلًا ثم قال لا بأس من التجربة..
وعندما قادته قدماه إلى حيث الطريق الأسود وجد بابين موصدين متقابلين.. لم يكن ثمة بنيان يفتحان فيه، ولا كان بينهما شئ.. ضحك وقال: عبث.. لا جدران ولا سقف؟ لم يقص عليه أحد شيئًا عن البابين.. فقط بابان قائمان على الأرض؟ مشى نحوهما بخطى سريعة، ووجد يده تمتد لتفتح أحدهما من باب الفضول.. ودخل أو مر من هذين البابين، مر من خلاله نحو الباب الآخر. انغلق الباب عليه وهبط ظلام مفاجئ كأنما كان هناك مصباح وانطفأ.. شعر بأن هناك أيد تمتد إليه تمسك به.. تملكه الخوف وصرخ لكن دون صوت.. فمه انفتح و لم يخرج منه أي صوت. حاول مرة أخرى الصراخ وفشل.. عبثًا حاولت الكلمات أن تخرج من فيه.. وأحس كأنما هذه الأيدي تمسك برأسه، تعبث به. لم يكن في ذلك أي ألم، ولا كان هذا ضربًا، لكنه شعر كما لو أن هذه الأيدي تفتح رأسه وتخرج شيئًا.. لعل هذا مجرد هذيان.. نعم ربما كان يهذي..
يُفتح الباب الآخر .. يخرج، يتحسس رأسه، فيجد ضمادة قد لفت حول رأسه. لا يتذكر شيئًا، لا يتذكر لماذا هو هنا.. لم يلتفت وراءه ليرى أنه يخرج من مبني كبير من الطوب والأسمنت المسلح .. يشعر أن رأسه قد أصبح أخف وزنًا من ذي قبل..
Leave a Reply