بعض المفاهيم الاقتصادية الأساسية في فكر حزب البعث العربي الاشتراكي

صحيفة الهدف

#ملف_الهدف_الاقتصادي

  1. الاكتفاء الذاتي والتصنيع كأساس للاستقلال الوطني (Self-Sufficiency and Industrialization as a Pillar of National Independence)

    يرى الفكر الاقتصادي لحزب البعث أن التحرر السياسي لا يكتمل دون تحرر اقتصادي، وأن التبعية الاقتصادية هي أحد أشكال الهيمنة الاستعمارية. لذلك، يضع الحزب التصنيع والاكتفاء الذاتي في القطاعات الاستراتيجية (كالغذاء والسلاح والطاقة) في صلب أولوياته. يستند هذا المفهوم إلى:

    أ. نقد التبعية للنظام الرأسمالي العالمي: كما جاء في كتابات الأستاذ ميشيل عفلق التي حذرت من تحول الاقتصاد العربي إلى سوق استهلاكية للغرب ومنتج للمواد الخام فقط. ب. تجربة التصنيع في الحكم الوطني في العراق: حيث أولت الحكومة اهتمامًا كبيرًا بإنشاء صناعات ثقيلة (كالحديد والصلب والبتروكيماويات) وتطوير القطاع الزراعي عبر مشاريع الري الكبرى لتقليل فجوة الاستيراد، كما هو موثق في خطط التنمية الخمسية لجمهورية العراق (1970-1980). ت. ربط الأمن القومي بالتصنيع: إيمانًا بأن الأمة العربية التي لا تنتج طعامها وسلاحها ستظل تحت رحمة القوى الخارجية، وهو مبدأ استراتيجي ثابت في أدبيات الحزب.

  2. التخطيط المركزي الموجّه (Directed Central Planning)

    يدعو حزب البعث إلى تبني التخطيط المركزي كآلة لتوجيه الاقتصاد الوطني نحو تحقيق الأهداف القومية والاستراتيجية. يتميز هذا المفهوم بـ:

    أ. التخطيط كأداة وليس غاية: الهدف هو توجيه الموارد نحو أولويات الأمة العربية (كالتعليم، الصحة، التصنيع، والتسليح) وليس إلغاء المبادرة الفردية تمامًا. وهذا مبني على نظرية (الاشتراكية العربية) التي تجمع بين التخطيط المركزي للقطاعات الاستراتيجية واقتصاد السوق في القطاعات غير الاستراتيجية. ب. المرونة النسبية: على عكس التخطيط المركزي في الأنظمة الشيوعية، سمح النموذج البعثي بوجود قطاع خاص متعاون يخضع لتوجيه خطة الدولة العامة. ت. ربط الخطط القطرية بالرؤية القومية: حيث سعت الخطط الاقتصادية في الحكم الوطني في العراق إلى تحقيق التكامل مع الدول العربية الأخرى تمهيدًا للوحدة الاقتصادية الشاملة. (التكامل العربي– العراق، الأردن، مصر، اليمن).

  3. دور الدولة كمنتج ومنظم (The State as Producer and Regulator)

    يؤكد فكر حزب البعث على دور فاعل ومركزي للدولة في الاقتصاد، يتجاوز مجرد الدور الرقابي أو التوجيهي ليكون دولة منتجة ومنظمة في آن واحد. يقوم هذا المفهوم على:

    أ. احتكار الدولة للقطاعات الاستراتيجية: مثل النفط والغاز والثروات المعدنية والمواصلات والموارد المائية، كما هو منصوص في دساتير وأنظمة الدول التي حكمها البعث. ففي العراق، على سبيل المثال، تم تأميم النفط في قانون رقم 101 لسنة 1972، مما حوله إلى أداة تمويل رئيسية للدولة ومشاريع التنمية. ب. الرقابة على الأسعار والأجور: لمنع الاستغلال وضمان العدالة الاجتماعية، حيث تتدخل الدولة لمنع الاحتكار وتحديد سقوف للأسعار في السلع الأساسية وضمان حد أدنى معيشي للأجور. ت. توجيه الائتمان والاستثمار: من خلال السيطرة على النظام المصرفي والمؤسسات المالية لتوجيه رأس المال نحو المشاريع التي تخدم أهداف الخطة الوطنية، وليس فقط وفقًا لمعايير الربحية.

  4. العدالة في توزيع الثروة وليس الإنتاج فقط (Justice in Wealth Distribution, Not Just Production)

    يركز المفهوم البعثي للعدالة الاجتماعية بشكل كبير على آليات التوزيع بعد تحقيق الإنتاج، لضمان وصول عوائد النمو إلى جميع شرائح المجتمع. يتجلى هذا في:

    أ. نظام ضريبي تصاعدي: حيث تفرض ضرائب أعلى على الدخل المرتفع والثروات الكبيرة لتمويل الخدمات الاجتماعية ودعم الفئات محدودة الدخل. ب. الدعم الحكومي للسلع الأساسية: مثل الخبز والوقود والدواء والكهرباء، لضمان حد أدنى من العيش الكريم لكل مواطن، وهي سياسة طُبقت بشكل واسع في ظل الحكم الوطني في العراق. ت. إعادة استثمار الفائض في الخدمات الاجتماعية: حيث يتم اعتبار العوائد من القطاعات الاستراتيجية (كالنفط) ملكًا للشعب كله، ويجب أن يعاد استثمارها في بناء المدارس والمستشفيات والبنية التحتية، كما كان شعار (نفط العرب للعرب) يعكس بعدًا قوميًا لهذه السياسة التوزيعية.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.