شبهات فساد وإهدار للمال العام في جامعة أم درمان الإسلامية

صحيفة الهدف

في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد والحاجة الماسة لترشيد الإنفاق، تشهد جامعة أم درمان الإسلامية، إحدى أكبر وأعرق الجامعات في السودان، ما وُصف بـ”فصل من الفساد وسوء الإدارة وتبديد المال العام”. هذا الفساد، وفقًا لمصادر موثوقة قالت لصحيفة “الهدف”، يُدار من قبل قياداتها العليا، الذين تم تعيينهم بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021.

ووفقًا لما أوردته المصادر، فإن هذه القيادات، رغم تدمير الجامعة بالكامل وحاجتها الماسة لمقومات استئناف العملية التعليمية، ينخرطون في عمليات تبديد للموارد بدلاً من إعادة تأهيلها.

قيادة غائبة وإهدار للمال العام
تؤكد مصادر لـ”الهدف” أن إدارة الجامعة الحالية تُعاني من غياب تام للقيادة. فمدير الجامعة، الذي أُعيد تعيينه بعد تقاعده، يدير شؤون المؤسسة “عن بُعد” من مقر إقامته في العيلفون، ويركز على الظهور الإعلامي والحوافز المالية، بينما يُهمل الاحتياجات الحقيقية للجامعة. بعد اندلاع الحرب، غادر البلاد وظل يتنقل بين السعودية ومصر، تاركًا خلفه فراغًا إداريًا هائلاً.

الغياب لا يقتصر على المدير وحده. فتقول المصادر إن نائبه يقيم في السعودية ويعمل مستشارًا قانونيًا، لكنه يواصل تقاضي كامل مستحقاته المالية وبدلاته من الجامعة. ويُقال إنه تنازل عن مهامه الإدارية لوكيل الجامعة، معتمدًا في اتخاذ القرارات على “مخبرين” من الموظفين المقربين، في نهج يفتقد للشفافية والمساءلة.

مهندس الفساد في زمن الحرب
يُعتبر وكيل الجامعة، وفقًا للمصادر، المحور الأساسي للفساد الإداري والمالي. فقد استغل خبرته الطويلة في المناصب الإدارية بالجامعة، والتي امتدت لأكثر من 16 عامًا، ليصبح المدير الفعلي لها بعد غياب المدير ونائبه. وبدلاً من توجيه الموارد لإعادة تأهيل الجامعة المدمرة، قام الوكيل، خلال فترة الحرب، بعمليات شراء مريبة ومكلفة.

أبرز هذه العمليات هي شراء ثلاث سيارات فخمة تقدر قيمتها بـ 750 مليار جنيه سوداني. هذه السيارات لم تُشترَ لخدمة أغراض الجامعة التعليمية أو البحثية، بل خُصصت للاستخدام الشخصي للقيادات، سيارة فارهة للمدير: يستخدمها الوكيل حاليًا. سيارة لنائب المدير: جاهزة في بورتسودان بانتظار عودته. سيارة خاصة للوكيل: يستخدمها شخصيًا.

هذا الإنفاق المفرط يثير تساؤلات حول كيفية إتمام هذه الصفقات، فعمليات شراء السيارات بهذا الحجم تتطلب موافقة رسمية من وزارة المالية. وإذا كان ذلك بعلم الوزارة، فهي “كارثة” حسب المصادر، وإن تم بغير علمها، فإن “المصيبة أعظم”.

الجامعة بين المطرقة والسندان
يأتي هذا التبديد للموارد في وقت حرج للغاية، فالجامعة بأكملها دُمرت بفعل الحرب، وتحتاج إلى أبسط مقومات العودة للحياة الأكاديمية، مثل الأثاث، والأدوات التعليمية، والبنية التحتية. الطلاب، من جهتهم، يعانون من ظروف معيشية صعبة ويدفعون رسوم الدراسة والامتحانات “من العدم”، على أمل استئناف تعليمهم.

هذه الممارسات لا تعكس فقط سوء إدارة، بل تظهر لامبالاة تامة بمستقبل الجامعة والعملية التعليمية في السودان. فبينما يتم شراء سيارات فارهة بالملايين، يُترك آلاف الطلاب ومئات الموظفين في مواجهة واقع صعب، دون خطة واضحة لإعادة بناء هذه المؤسسة التعليمية.

في الختام، يبرز التساؤل حول مدى قدرة هذه القيادات على إدارة الجامعة، وهل يعيدون إنتاج نفس نموذج الفساد الذي عانت منه البلاد لعقود؟ وهل سيتم محاسبتهم على إهدارهم للمال العام في وقت يُعاني فيه الشعب السوداني من ويلات الحرب؟

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.