رساله في بريد السيد والي ولاية الخرطوم

صحيفة الهدف

بقلم: فيصل الزبير

هناك من سألني، لماذا لم يمتحن طلاب ولاية الخرطوم من محلية بحري الأماجد، بولاية الخرطوم أصلًا؟
طرحنا هذا السؤال المنطقي والذي يتبادر للذهن، على الإداريين من وفد المقدمة، وزعماء شعبيين، كشئ بديهي، حتى يتجنب الطلاب مشقة السفر ووعثاءه لولاية الجزيرة الخضراء، لماذا حضرتم؟ علماً بأن أعضاء البعثة الإدارية من زعماء المنطقة وقادتها، وهم على درجة من الإدراك والتعليم والوعي والثقافة بلا شك، أجابوا: حضرنا هنا معاقبين من قبل حكومة ولاية الخرطوم. فمن ضمن أعضاء الوفد؛ أولياء أمور هؤلاء الطلاب، وعدد كبير من المعلمين المرافقين للبعثة. أولًا قالوا إن الوالي عقد الامتحانات في محلية كرري بأم درمان، باعتبارها منطقة آمنة في شهر أبريل 2025م. وفي ذلك الوقت كانت القوات المسلحة قد استعادت الخرطوم من قوات الدعم السريع. فخاطب أولياء أمور طلاب محلية بحري، على وجه التحديد، السيد الوالي لتأجيل الامتحانات قليلًا حتى يستعد ابناؤهم للجلوس للامتحانات في ظروف أفضل، فرفض السيد الوالي الطلب وكذلك السيد وزير التربية والتعليم بالولاية، بحجة أنهم لا يستطيعون تأمين الامتحانات في محلية بحري.
وتقدم أولياء الأمور باقتراح جديد للسيد وزير التربية والتعليم بالولاية، لعقد امتحان ملحق حتى لا يتضرر الطلاب، فتم الرفض أيضًا للأسف. تقدم أولياء أمور الطلاب مرة أخرى “لحكومة الولاية” للتنسيق مع ولاية الجزيرة ليجلس هؤلاء الطلاب لامتحانات يتم طلبها من ولاية الجزيرة، بعد دفع رسوم الطلاب لحكومة ولاية الجزيرة. وتقدم معلمي بحري بمبادرة شجاعة، بأنهم مستعدون للقيام بأعمال المراقبة والتصحيح بلا مقابل من أجل جبر الضرر. فكانت كل الأبواب مغلقة في وجوههم تمامًا ولا استجابة من السيد الوالي. وهذا ما جعل أولياء الأمور يشعرون بالغضب والظلم الشديدين من قبل “حكومة ولاية الخرطوم”. علمًا بأن عدد الطلاب المتضررين بعدم الجلوس للامتحانات بالولاية لا يقل عن 10 ألف طالب وطالبة.
أخيرًا تقدم عدد من أولياء أمور الطلاب بولاية الخرطوم بمبادرة شجاعة وكريمة وطلبوا عبر سفارات شعبية لهم عبر بعض الناشطين بولاية الجزيرة؛ مساعدتهم لجلوس طلابهم بولاية الجزيرة لقربها الجغرافي وتقليلًا للظلم الذي تعرضوا له من واليهم. فوصل وفد مقدمة من الشعبيين من قري وأوسي للمسيد قبل شهر تقريبًا، وتواصلوا مع مديرة التعليم بالمسيد، الأستاذة صفية قمر عبد المنان، مشرفة المرحلة الإبتدائية بوحدة المسيد، والتي لم تتردد في قبول هذا التحدي بشجاعتها المعهودة وعلمها التام أن اهل المسيد لن يخذلوها ولن يترددوا في الموافقة، وتواصلت مع الشعبيين من أهل المسيد فقالوا مرحبًا بالضيوف ونحن لها وصدق توقعها ولم يخذلوها. ومن بعد ذلك تم التنسيق مع مسؤولي التعليم بمحلية الكاملين وبالولاية وتم ترتيب الأمور الإدارية من رسوم وتجهيز أرقام الجلوس للطلاب وتوفير عدد كافي من المراقبين وتجهيز مراكز الامتحانات بالصورة المثلى لاستيعاب هؤلاء الضيوف الأعزاء. ففي وحدة المسيد فقط حوالي 500 طالب وطالبة من أهلنا بقرى وأوسي والكدرو وبعض مناطق بحري، موزعين على عدد من قرى وحدة المسيد الإدارية في أم مغد والمسعودية. وهناك أعداد أخرى في مناطق أخرى يصل عددهم الكلي حوالي 10 ألف طالب وطالبة تقريبًا. كل ما ذكرته من معلومات جاء على لسان الوفد المرافق للبعثة. فهم يشعرون ببالغ الأسف والحزن؛ لأن هناك ظلم كبير وقع عليهم، علمًا بأن هنالك طلاب من أصحاب الحاجات الخاصة، كنت اتوقع وما زلت انتظر أن يبادر السيد والي ولاية الخرطوم بزيارة تفقدية، على أقل تقدير، لهؤلاء الطلاب الذين لا ذنب لهم، جبرًا للضرر وجبرًا لخاطرهم. وأخشى أن لا يكون لديه علم بسفرهم فهذه مصيبة أخرى. فما زال الباب مفتوحًا للسيد الوالي ليسجل لهم زيارة بوحدة المسيد الإدارية ووحدة الصناعات الإدارية على الأقل، ويقدم لهم الدعم المعنوي والمادي اللازم من باب أنهم من رعاياه وهو مسؤول أمام الله عنهم. وحتى وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم لم يبادر بتفقدهم ميدانيًا مع قرب المسافة من الخرطوم للمسيد. نحن في مسيد ود عيسي فتحنا للضيوف وأفراد البعثة الكريمة قلوبنا وأذرعنا قبل بيوتنا ومدارسنا. جاءوا يحملون معهم البركة، فكانت الأجواء خريفية تسر القلب، ويحملون معهم الخيرات من المواد الاستهلاكية للإعاشة، ومعهم طباخين ولكن أهلنا بالمسيد لم يقصروا معهم حتى الآن، ولن يقصروا حتى تنتهي المهمة بنجاح بإذن الله؛ فنحروا لهم الخراف عند قدومهم فرحًا بمقدمهم الميمون رغم قلة حيلتنا، ولكن شعارنا كان المقولة الشعبية السودانية المشهورة “بليلة مباشر ولا ذبيحة مكاشر” وذلك تعبيرًا عن سلامة وصولهم إلينا وفرحتنا بهم. ومن بُعيد صلاة الصبح في كل يوم؛ نجد أن أهل المسيد من الأحياء التي تقع في محيط معسكر الضيوف الأعزاء، يحضرون جماعات وأفرادًا، نساءً ورجالًا، يحملون حفاظات الشاي باللبن والشاي الأحمر والقهوة والزلابية بالجرادل والرغيف والبسكويت والعصير، في مشهد بديع تقديرًا للضيوف وتعبيرًا عن الترحاب بهم بلا حدود. وظللنا نتفقدهم صباحًا ومساء. و تقف اللجان المكلفة بالضيافة على راحة أفراد البعثة على ما ينقصهم وحل كل المشاكل وتوفير المياه علي مدار اليوم. الآن ضيوفنا الأعزاء نحملهم على حدقات عيوننا وعلى كفوف الراحة، ولجان أهل المسيد ومواطني المسيد بالداخل ومن خارج البلاد تدعم وتتابع عن كثب كل صغيرة وكبيرة من أجل راحة الضيوف، حتى يتفرغ هؤلاء الصغار والضيوف لمهمتم النبيلة، وحتى يرجعوا إلى ذويهم معززين مكرمين، وبالتالي نكون عكسنا وجهًا مشرقًا لإنسان المسيد، الذي يمثل إنسان الجزيرة عامة.

بدأت الامتحانات اليوم، 2025/8/30، وستنتهي الخميس باذن الله. وسنكون لهم درعًا وسندًا حتى نهاية الشوط بإذن الله. من باب إكرام الضيف ولو جاء يركب على ظهر فرس. وديل نحن ناس الجزيرة ولسان حالنا:
لو ما كنت من زي ديلا
وا أسفاي وا ذلي
عرب ممزوجة بي دم الزنوج الحارة ديل أهلي
وحتى الطير يجيها جيعان من أطراف تقيها شبع
ديل أهلي أقيف في الدارة وسط الدارة واتنبر وأقول للدنيا ديل أهلي.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.