
استيلا قيتانو
#ملف_الهدف_الثقافي
أرفقوا بحالكم، ولا تحكموا على مشاعر الألم والحزن والفقد. أبكوا وأحزنوا على كل من يموت في هذه الحرب. اتركوا العنان لدموعكم وعويلكم، واصرخوا بأعلى أصواتكم وأعلنوا عن فقد عزيز لديكم.
الموت يجرد أحبابنا وأصدقاءنا من كل الانتماءات والصفات عندما يعود إلينا كجثة، فهي جثة أخ وصديق وابن الجيران والأب.. إلخ. لم يعد جنديًا مرة أخرى، يعود عاريًا من البزة العسكرية وأوهام البطولة وهوس القتال. يعود أعزلًا بلا بندقية وقنابل، لم يعد يكبر أو يهلل أو يهتف محتفيًا بنصر كالهزيمة، لقد أصابه خرس الموت وأصبح قلبه خالياً منا جميعًا. لقد مات، لقد اختفى.. هكذا ببساطة واختفينا نحن، الذين نجعجع الآن من مجاله.
فصلاتنا الأولى تبقى وتقف عنيدة. لم ولن تصادرها القرارات التي اتخذوها ولا المسارات التي سلكوها من دوننا.
عندما نفقدهم، نحزن ونتألم فقط، فهذه ليست جريمة حتى ولو اعتقدنا أن مساراتهم كانت خطأ أو تعارض رغباتنا أو ما نعتقد أنه “أخلاقي” أو غير أخلاقي. لن يجدي بعد الآن دفاعنا عنهم أو تلبيسهم جرماً.
لأننا إذا لم نحزن نفقد إنسانيتنا.
وعندما نحاكم الموتى، أعتقد أنه مجرد غرور أعمى ومريض، نمارس استعلاءً أخلاقياً في غير محله. لأن مجرد عدم وجود صلة تربط بينك وبين أحد هؤلاء الجنود الصغار، مهما كان انتماؤهم لأي قوة أو ميليشيا، لا تعني أنك تفوقت أخلاقياً، وأنك خرجت من كل هذا بيد بريئة من الدم. هذا يعني فقط أنك محظوظ وقد عفاك الله من ألم رهيب، كأن ترى جثة حبيب أو قريب أو صديق مصلوب على قفص الاتهام وتأكلها الألسن التي لم تختبر ماذا يعني أن يموت لك أحد، أو أن يختار قريب لك خوض الحرب ويترك قلبك معلقًا بين السماء والأرض، دون مراعاة لوجعك. أرفقوا بأنفسكم وبغيركم، ولا تجعلوا الأحزان محرجة.
دعوا هذه الحرب تجردنا من كل شيء، ولكن ليس من إنسانيتنا.
فالسب والكلام الجارح قد يشعرك مؤقتًا بالقوة، ولكننا نعلم جميعاً كم نحن عاجزون.
#أرضا_سلاح
Leave a Reply