بقلم: خالد ضياء الدين
#آراء_حرة
عندما يكتب وزير العدل في الحكومة الانتقالية، نصر الدين عبد الباري، الذي يعرف بالباحث الأكاديمي، المستشار في القانون الدولي والدستوري، وقوانين وسياسات الهجرة والمواطنة، و(القانون الدولي لحقوق الإنسان). عندما يكتب مقالًا يوم 19 أغسطس 2025 حول التط.بيع مع الك.يان الصه.يوني، الذي يسميه هو حكومة اسرا.ئيل ينافي الحقائق ويجافي فيه كل العناوين، التي تعرفه كقانوني مهتم بحقوق الإنسان، يصبح الرد عليه واجبًا فالصمت في وجه الباطل عار على الصامتين ومشجعًا له وأمثاله لتجاوز الثوابت.
(من أجل تطبيع دائم يجب على إسرائيل أن تدعم الديمقراطية في السودان)
هذا هو العنوان، الذي خطه نصر الدين، وقديمًا قالوا (الجواب يكفيك عنوانه)، وعنوان نصر الدين عبد الباري لا هو “ناصر” للحق ولا “مبرئًا” لذمته، إذ كيف يطلب من كيان محتل مغتصب فرض سلطته على شعب فلسطين بقوة السلاح، ونشر الموت والدمار أن يدعم الديمقراطية في السودان، وهل فاقد الشيء يعطيه؟!
لقد تزامن تجديد موقفه “مدفوع الثمن” مع مشروع تصفية القضية الفلسطينية عبر لوبياتها في المنطقة.
عليه يمكننا القول بأن ابن عبد الباري فشل من بداية المقال، الذي بدأه “وزير العدل” بتحريض كيان الاحت.لال ضد عسكر سلطة بورتسودان غير الشرعيين موصيهم بعدم التطبيع معهم، مدعيًا أن الأجدى أن يكون التطبيع مع حكومة ديمقراطية، فهل حكومة الاح.تلال ديمقراطية وشرعية، وهل هناك حكومة ديمقراطية تحترم نفسها وشعبها تطبع مع نظام دكتاتوري مستعمر.. ألا يعلم نصر الدين كيف قامت (اسرائ. يل)؟
وهل تؤمن الص.هيو.نية بالديمقراطية واحترام سيادة الشعب الفلس.طيني والعربي في أرضه، وهي التي احتلت واستو.طنت ثم مدت ذراعها العسكري لتضرب به أقطار الجوار العربي وامتدت لدول إفريقيا ضمن خطتها من النيل إلى الفرات.
من العجيب أن تشتم رائحة التبرير في حديث نصر الدين لقصف طيران الاح.تلال لأفراد وسيارات ومواقع داخل السودان في الأعوام 2009 و 2012 بحجة منع نقل أسلحة إيرانية إلى حم.اس عبر “ممر تس.ليح متجذر بعمق”.
هناك قلة من السياسيين والناشطين، الذين يبررون قصف بلادهم من دولة أخرى ولو كان الحاكم دكتاتور، فشرف المواقف يقتضي أن نفرز بين السلطة الحاكمة والدولة أرضًا وشعبًا، فصراعنا السياسي ضد الدكتاتور يجب أن لا يرمينا في أحضان العدو الخارجي.
لقد تحدث “عبد الباري” في جملة تبريراته عن الوجاهة الأمنية للتطبيع، مدافعًا عن قرار حكومة حمدوك التوقيع على اتفاقية (ابرا.هام) بدعم من “ترامب” وكيف تحدث بفخر أنه هو من وقع بصفته وزيرًا للعدل على الاتفاقية، التي أعقبها إلغاء السودان قانون مقاطعة (اسرائيل)، ذلك القرار، الذي ظل ساريًا منذ العام 1958. وهو يدري أو لعله في غمرة تماهيه مع المحتل أن التوقيع والقرار كانا طامة الفترة الانتقالية، والفعل، الذي ما كان له أن يحدث من حكومة غير منتخبة تم انشاؤها لمهام محددة خاصة بتجهيزات الانتقال الديمقراطي، لكن تجاوز الشقين المدني والعسكري آنذاك لصلاحياتهم جعلهم يستبقون لارضاء أمريكا وكي.ان الاح.تلال بالتوقيع المذل على اتفاقية ابراه.ام، في وقت وقفت فيه حكومة جنوب إفريقيا موقفًا مشرفًا، إيمانًا منها بالحرية والاستقلال ودعم الشعوب المستغلة.
ثم يمضى نصر الدين في حسرته على عرقلة انقلاب 25 أكتوبر 2021 لخطوة التطب.يع، ثم حرب 15 أبريل 2023، التي قضت حسب رؤيته على “جهود التط.بيع والانتقال المدني”، وهنا لا أعلم كيف دس الرجل الهدفين المتناقضين في حديثه، فما هي علاقة التط.بيع مع كيان الاح.تلال بالانتقال المدني في السودان، وعن أي انتقال مدني يتحدث وشعب السودان “المدني” صاحب المواقف البارزة الداعمة لشعب فلسطين؟
بأي مسطرة يقيس هذا ال عبد الباري ، وبأي مرجعية، وهو القانوني الداعم لحقوق الإنسان او الذي “يفترض ان يكون كذلك” يدعم كيان باطش مغتصب جائر يتجاوز كل القوانين الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ثم يطالبنا بالتط.بيع معه.
لماذا لم يذكر نصر الدين في مقاله شعب فلسطين وهو الأحق بالدعم وإقامة العلاقات معه، لماذا لم يوجه رسالة لجماعة ابرا.هام برفع يدهم عن شعب غ.زة المحاصر، الذي تقصفه طائرات من وقع معهم نصرالدين بنفسه.
يقول أن تطبيع العلاقات مع النخبة العسكرية في السودان يمثل تهديدًا لوحدة البلاد ولأمن اسرا.ئيل واستقرار المنطقة. ولعله في قمة تماهيه تغافل عن الدور الاسر.ائي.لي في فصل جنوب السودان وخطاب سلفاكير عند زيارته لفلسطين المحتلة بعد الانفصال وترحيبها بالدولة الجديدة ودعمها سياسيا واقتصاديا بينما يحدثنا عن عدم تعاملها مع العسكر حفاظا على وحدة السودان، ما سر إنكار هذه الحقائق الدامغة يا “نصر الدين” وانت أعلم بها من غيرك؟! ومخطط التفتيت والتجزئة نابع من لدن أفكار الص.هي.ونية منذ “قولدا مايير” حتى “نتنياهو” ومن سيأتي بعده ليكمل مشروعهم في المنطقة.
القضية عندك ليست في التطبيع، بل في من هو الأحق بالتوقيع، وهنا يقول بالأسباب التي تدعوه لتقديم استشارته لكيان الاح.تلال بالابتعاد عن العسكر في السودان، الذين يعتقلون النشطاء المطالبين بالديمقراطية والحكم المدني، لكنه أغفل النظر عن معتقلات الاحت.لال، التي تضم الآلاف من السياسيين، أطفال ونساء وفيهم من تجاوز اعتقالهم ال 40 عامًا، وعن قمعهم للناشطين وقتلهم الصحفيين والأطفال الخدج، وقصفهم بالطائرات للجوعى في ساحات وتجمعات الطعام وبالمشافي ودور العبادة في غزة وغيرها، تجاهلها عمدًا ذلك القانوني المهتم بحقوق الإنسان!
ألا يعلم هذا المطبع أن شعب فلسطين بشر لهم حقوق درسها في الجامعات، وتعلمها من كتب القانون، وأنهم ليس لهم ذنب إلا أن طالبوا بحقهم في أرضهم وأرض أجدادهم، فكيف ينظر نصر الدين للأمور ومن أي زاوية غير العمالة ومناصرة الباطل.
لم تكن يا نصر الدين مؤهلًا لا أنت ولا حمدوك ولا البرهان للإفتاء في أمر إلغاء قانون المقاطعة، الذي أجازه برلمان منتخب في العام 1958.
نصر الدين، الذي تسلل في غفلة من الزمن مع غيره إلى كراسي سلطة الانتقال حاول في مقاله الفطير أن يعطل خطوات التطبيع، التي يجتهد فيها العسكر ليس لشيء إلا لأنه يريد أن يقدم نفسه كبديل يكمل ما قام به من توقيع ينهي مقاطعة اس-رائيل ويبدأ حقبة من الخنوع والخضوع اسمها التطبيع.
يقال بأن لكل مولود نصيب من اسمه، وتاريخ ميلاده، ونصر الدين المولود في العام 1978 يصادف عام ميلاده توقيع اتفاقية التطبيع “كامب ديفيد” بين أنور السادات ومناحيم بيغن بمباركة رئيس الولايات المتحدة. وهو نفس العام، الذي اجتاح فيه كيان الاحتلال لبنان في عملية عسكرية اسمها (عملية الليطاني) لطرد الفدائيين الفلسطينيين (منظمة التحرير الفلسطينية). لكنه بالنسبة لنا هو نفسه العام، الذي احتضنت فيه بغداد العروبة القمة العربية 1978، التي حجمت من التطبيع وعزلت توجهات السادات ومنعت تأثيره على الحكام العرب، عليه تظل سيوف الحق مشرعة في وجه الباطل وإن حاول عبد الباري أو حاول كيان الاستيطان، الذي زرعه بالأمس، تغبيش وعي الشعب؛ سنضربه بأسنة أقلامنا وبوعي جماهير شعبنا، الذي يعتبر فلسطين قضيته، وسكان غزة أخوانه، وأما نصر الدين وكل دعاة التط.بيع نقول لهم:
(تابعوا من شئتمُ أو طاوعوا من خفتمُ.. فالزاحفون إلى الفجيعة أنتمُ).

Leave a Reply