
النص التاريخي عن افتتاح كبري شمبات عام 1966 يكشف مفارقة صارخة مع واقعنا المعاصر، حيث نلاحظ:
1. مفارقة التكاليف والقيمة الحقيقية:
أ. تكلفة بناء الكبري (2,664,240 جنيه) تعادل اليوم أقل من (1,000) دولار أمريكي (بسعر الصرف الحالي 3,000 جنيه للدولار)
ب. نفس هذا المبلغ لا يكفي اليوم لبناء كوخ صغير، ناهيك عن جسر ضخم
2. أسباب تدهور القوة الشرائية:
أ. التضخم الجامح: حيث فقد الجنيه (99.9%) من قيمته منذ الستينيات
ب. سوء الإدارة الاقتصادية: غياب الرؤية الاستراتيجية للبنى التحتية
ت. الفساد المالي: تحويل الموارد من المشاريع التنموية إلى مصارف غير منتجة
ث. الحروب الأهلية: التي استنزفت أكثر من (70%) من الموازنة العامة.
3. المقارنة المعبرة:
أ. ما أنفق على بناء جسر كامل في (1966) لا يكفي اليوم لصيانة متر واحد منه
ب. رواتب العمال الذين بنوا الكبري كانت تكفي لبناء منازل، بينما رواتب اليوم لا تكفي إيجار غرفة
4. الدروس المستفادة:
أ. الاستثمار في البنى التحتية كان أولوية وطنية في الماضي
ب. وجود إرادة سياسية حقيقية للتنمية
ت. الشفافية في التعاقد مع الشركات الأجنبية
ث. احترام قيمة العمل والعمال.
5. من اسباب تدهور قيمة العملة الوطنية
أ. التوسع في سياسات السوق الحر التي بدأت بربط الجنيه بالدولار والبدء في تبني خفض سعر الصرف في أول تنفيذ لوصفة صندوق النقد الدولي فبراير 1978.
ب. بتبني نهج الخصخصة على نطاق واسع في فترة دكتاتورية الإنقاذ منذ 1992، والتي وصلت لتحرير سعر الصرف في حكومة د. عبد الله حمدوك الأولى، واستمرار هذا النهج حتى الآن .
ت. التمكين، وتصفية مؤسسات القطاع العام، بمحسوبية، لصالح فئات الرأسمالية الطفيلية المتأسلمة.
ث. وجود أكثر من 95% من حجم الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي، وتوظيفها في المضاربات والنقد الأجنبي
الخاتمة: قصة كبري شمبات تذكرنا بأن الجنيه السوداني لم يكن دائماً بهذه الهشاشة، وأن إعادة بناء العملة تحتاج إلى:
1. وقف الحروب بدون شروط
2. محاربة الفساد
3. إعادة توجيه الموارد للتنمية
4. استعادة الثقة في النظام المالي
(الجسور لا تبنى بأوراق نقدية مهترئة، بل بإرادة سياسية صلبة واقتصاد منتج)
Leave a Reply