قرارات البرهان الأخيرة وسيناريوهات القادم.

صحيفة الهدف

د. أحمد بابكر

أصدر قائد الجيش بعد عودته من لقاء المبعوث الأمريكي في سويسرا قرارين أثارا كثيرًا من الجدل، وكذلك الحيرة، خاصة في معسكر الحرب الذي ينادي بعدم إيقافها والاستمرار فيها حتى تحقيق الانتصار الحاسم، وعلى صعيد آخر رحبت بعض القوى المدنية (صمود) بهذه القرارات واعتبرتها خطوة في تحقيق السلام.

▪️ القرار الأول خاص بإقالة مجموعة من الضباط المعروف انتماؤهم للحركة الإسلامية، والقرار الثاني والقاضي بتبعية كل القوى المساندة للجيش وخضوعها لقيادة القوات المسلحة…

▪️ هذه القرارات تم ربطها بنتائج لقاء البرهان مع الأمريكان، واعتبرها البعض بداية فك ارتباط قيادة الجيش مع الحركة الإسلامية كأحد الشروط الأساسية لإيقاف الحرب، لأن من المعلوم بالضرورة أن الحركة الإسلامية وعبر تنظيمها في الجيش، تسيطر على قرار قيادة الجيش، وكانت تدفع دائمًا بالاستمرار في الحرب، وعملت بشكل مستمر لإفشال أي فرصة لإيقافها.

▪️ البعض يرى هذه الخطوة غير مؤثرة في مسار الحرب ولا في سيطرة الإسلاميين على القرار العسكري والسياسي لقيادة الجيش.

▪️ أعتقد أن البرهان، وهو رجل أدمن اللعب على كل الحبال وأدمن استغلال التناقضات، قد اتخذ هذا القرار لتفجير صراع داخل تيارات الإسلاميين أنفسهم، فالرجل يعمل لمصلحته فقط، وأعتقد أنه توصل لنتيجة أن استمرار علاقته بالإسلاميين سوف يؤدي إلى إبعاده هو والإسلاميين، ولذلك بدأ في استخدام لعبته، وهي لعبة خطيرة، خاصة أنه لا يتعامل مع تنظيم سياسي عادي، بل هو يتعامل مع تنظيم تعتبر “التصفيات” واحدة من أهم أدوات عمله السياسي.

▪️ لكن في ذات الوقت الجميع يعلم أن الحرب قد أضعفت الحركة الإسلامية رغم ادعاء القوة والسيطرة الظاهرية، خاصة وأنها توزعت لمجموعات، فهناك مجموعة ارتبطت بالخارج وخاصة الإقليم (مصر وتركيا)، وهناك من ارتبط بسلطة البرهان، وهناك مجموعة تعتقد أنها يجب أن تستغل البرهان ومؤسسة الجيش في إعادة سلطانها الذي هزمه الشعب وطردهم بطريقة مخجلة من فردوس السلطة..

▪️ سبق أن ذكرنا أن طرفي الحرب سوف يعانون من الانقسامات حال استمرارها..

▪️ وعلى صعيد آخر تمثل خطوة البرهان عامل خلاف واستقطاب حتى داخل القوى المدنية، فالبعض يرى أنها خطوة في الطريق الصحيح، والبعض يرى أنها مناورة ومراوغة من البرهان ليس إلا، ولكن في النهاية المطلوب منها خلق اصطفاف مدني جديد يكون نواة للقوى المدنية التي من المرجح أن تكون جزءًا من تسوية تقودها أمريكا، وبالنتيجة حتى الرافضين للتسوية لن يستطيعوا إيقافها لو كان ثمنها إيقاف الحرب باعتباره الهدف الأسمى والأ nobler لكل القوى المدنية..

▪️ والقرار الثاني الخاص بخضوع كل القوى العسكرية (المليشيات) التي تحارب مع الجيش تحت قيادة القوات المسلحة، وبمعنى آخر أن الجيش سيكون هو المتحكم في قراراتها وحركتها، وهو قرار أيضًا سيعمل على تفتيت هذه القوى وانقسامها تجاه القرار وبالتالي إضعافها، مما يصنع حالة استقطاب وتحالفات جديدة خاصة مع انعدام هامش المناورة بالذهاب والانضمام لجماعة “تأسيس”، فالأمريكان وحلفاؤهم في المنطقة رتبوا الأمر مع قيادة الدعم السريع.

▪️ هذه القرارات تعامل معها البعض بغضب بحكم أنها تجرده من قوته (وهذا لأغلب الإسلاميين)، وهناك من رحب بها بالمطلق ربما لدفع وتشجيع البرهان للانعتاق من سيطرة الإسلاميين، ولكن المؤكد أن لهذه القرارات ما بعدها ولن تكون الأخيرة، وستكون لها تفاعلات كبيرة، وأتصور أن هذه القرارات وما يليها حولها توافق إقليمي ودولي، مما سيضيق من هامش المناورة لبعض الأطراف الرافضة من حلف البرهان لهذه القرارات التي لن تجد لها سندًا إقليميًا أو دوليًا.

▪️ بالتأكيد المشهد السياسي والعسكري يمر بمرحلة دقيقة تحتاج أن يتحلى الجميع بالحس الوطني والاستراتيجي العالي لتجنيب البلاد مخاطر لا يحمد عقباها.

▪️ يظل فشل القوى السياسية المدنية في تكوين جبهة شعبية عريضة وصلبة في مواجهة دعاة الحرب علامة فارقة في تطاول أمد الحرب مع عدم امتلاك أطرافها لإرادة وطنية لإيقافها.

▪️ هذه المرحلة تحتاج للتفكير والمقاربات المنطقية والعقلانية والبعد عن الهتافية وشعارات “بل بس” و”سننتصر”، مع عدم الانسياق وراء أكاذيب دعاة استمرار الحرب، فكل الأطراف وصلت لنتيجة أن هذه الحرب لن يكون فيها منتصر، وأن التفاوض هو الحل الوحيد لإيقافها وبالتالي إيجاد حل سياسي للأزمة الوطنية.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.