دبلوماسية الجنائز: فن التفاوض في مراسيم الوفاة، التشييع والعزاء

صحيفة الهدف

لطالما كانت جنازات قادة وزعماء العالم محط أنظار الجميع، ليس فقط لتوديعهم ، بل وأيضًا لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية. في هذا السياق، تبرز “دبلوماسية الجنائز” كأسلوب فريد من نوعه في العلاقات الدولية، حيث يتم استغلال مراسيم الوفاة كفرصة للتفاوض وتحقيق المصالح المشتركة بين الدول.
تبرز أهمية دبلوماسية الجنائز في قدرتها على تسهيل الاتصالات بين الدول التي تعاني من قطيعة أو توتر في العلاقات. كما أنها تتيح الفرصة لتحقيق مصالح مشتركة وتحسين العلاقات بين الدول. هذه الدبلوماسية تظهر أن الحياة لا تتوقف عند الموت، بل يمكن أن تستمر وتتطور من خلال التفاوض والتداول أثناء عزاء وتشيع الزعيم فالزعيم راح لحال سبيله عند مليك مقتدر.
في 7 يناير 1989م، توفي الإمبراطور الياباني هيروهيتو، وشهدت مراسم تشييعه حضوراً دولياً كبيراً، حيث التقى السيد أوكو، وزير الخارجية النيجيري، مع السيد شيمير، وزير الخارجية الإسرائيلي، لبحث استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. كما التقى الرئيس الإندونيسي، سوهارتو، مع وزير الخارجية الصيني، تشيان تشيشن، لبحث تحسين العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
– اما في مراسم تشييع الرئيس الأمريكي جون كينيدي في نوفمبر 1963م وبالرغم من الوفاة المأساوية للرئيس الامريكي الا ان ذلك لم يكن عائق يمنع اللقاء بين ديجول وليندون جونسون والتفاوض بينهما، مما أدى إلى توطيد العلاقات بين الولايات المتحدة وفرنسا، وفتح الطريق للتفاوض حول اتفاقية باريس للسلام في فيتنام. ، حيث تم بحث سبل تعزيز العلاقات بين البلدين وتستمر الحياة غير مبالية باغتيال كيندي
– وشهد العام 1953، مراسم تشييع في النصف الآخر من العالم المتقدم بوفاة الزعيم ستالين لتنتظم اللقاءات بين الزعماء السوفييت والشيوعيين الصينيين، تم فيها بحث سبل تعزيز العلاقات بين البلدين. واثناء تشييعه تم لقاءً بين الزعيم السوفيتي الجديد، جورجي مالينكوف، والزعيم الصيني، ماو تسي تونغ، حيث تم بحث سبل تعزيز العلاقات بين البلدين الشيوعيين.-
– اما مراسم تشييع الملكة إليزابيث الثانية في عام 2022م، فشهدت لقاءات بين زعماء الدول الغربية، حيث تم بحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول الغربية. وشهدت مراسم تشييعها لقاءً بين رئيس الوزراء البريطاني، ليز تراس، والرئيس الأمريكي، جو بايدن، حيث تم بحث سبل تعزيز العلاقات بين البلدين.
وفجع العرب وبعد موتمر القمة العربية بالقاهرة وتحديدًا في يوم 28ديسمبر 1970م بوفاة الزعيم العربي جمال عبدالناصر، وبينما كانت السيدة تحية أرملة الفقيد تتوشح بالسواد وتتلقي التعازي من نساء مصر وزوجات الدبلوماسيين العرب ويغالب الشاب خالد عبدالناصر الدمع وسط أصدقاءه ومعارفه، شهدت مراسيم العزاء لقاء تفاوضي بين معمر القذافي وحافظ الاسد بحثا خلاله سبل تعزيز التعاون بينهما والدول العربية غير عآبين بدموع تحية ولا حزن خالد
اختم بمقولة ابوبكر الصديق (رض) عند وفاة الرسول (ص)’من كأن يعبد محمد فإن محمد قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت”
إذن الحياة لا تتوقف بموت الزعيم بل في لحظات واثناء التشييع ومن خلال تجارِب بوفاة عظماء في مشارق الأرض ومغاربها تخطت الأحداث وفاة القائد فالحي بالضرورة افضل من الميت لان الحي يساهم في التغيير والبنيان والتأثير

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.