سياستي في رعي الأغنام وسياسة حكومتنا في قيادة الشعب

صحيفة الهدف

علي الترياق

#ملف_الهدف_الثقافي

القرار لكم لتحددوا من يقود أفضل.

أغنامي كنت أحافظ عليها أكثر مما يحافظ علينا الوزراء ومن يتولون أمر الشعب الغارق في المستنقعات والمجاري، الشعب الذي يتضور جوعًا ويأكل من القمائم، الشعب الذي لم يجد الماء ليشرب.

لقد كنت أكثر حرصًا منهم على أغنامي، أختار لها المكان الأكثر عشبًا، والأكثر وفرة وطراوة، والأسهل والأقرب لها. لا أسقيها إلا ماءً عذبًا، تخيلوا أني كنت لا أقدر أن أرى أحد أغنامي متسخة حتى أغسلها.

كنت أجري رصدًا فلكيًا وأدرس أحوال الطقس قبل أن أتخذ القرار في المكان الذي سأرعاها فيه، لأني أخاف عليها من المطر. لم أُجازف يومًا بها، لم أقدها إلى مفازة أو صحراء كما يقودنا قادتنا، الذين لا يقودون حتى بعيرًا أجرب.

أنام وأنا أفكر بها، وأين سيكون المكان الأنسب لها في الصباح. كنت حريصًا عليها رغم أنني في تلك المرحلة من حياتي لم أقرأ القانون المدني والجنائي والدستور، لم أكن أعرف شيئًا عن حقوق الإنسان ولا الحيوان، كنت طفلًا معزولًا عن العالم الخارجي تمامًا، في قرية نائية الوصول إليها بحد ذاته مغامرة تكفي لأن يؤلف عنها كتاب. لكني كنت أحتكم إلى فطرتي وضميري وإنسانيتي التي جُبلت عليها.

لم أكن أسمع بالفلسفة والسياسة والدستور، لم أكن قد قرأت كتب أفلاطون وأرسطو وميكافيللي وماركس وابن خلدون وابن رشد والفارابي. لو سألني أحد عن هذه الأسماء، لتخيلتها أصنافًا من الخضار النادرة.

أيها الشعب الكادح، المُشرد في وطنه، المُغترب في أرضه، المُرحل من دياره قسرًا واختيارًا، والمسجون بلا سجن أو قضبان. أيها الشعب العاطش، الذي يحلم برشفة ماء وقطعة خبز. ألا أستحق أن أقودكم وقد صرت طالبًا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية؟

أيها الشعب، هل لكم أن تخوضوا معي هذه المغامرة؟ فإن نجحنا، كنتم بها، وحصلتم على السعادة والعيش الرغيد والمال التليد، والحياة الحقيقية، لا ما تعيشونه اليوم من ويلات وحروب.

وإن فشلت، فأنتم شعب منكوب منذ كنتم في أصلاب آبائكم، بل إنكم شعب غارق بين أنقاض الحروب منذ القدم، منذ كان التاريخ نائمًا خارج الصفحات.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.