*إنقاذ الأرواح أولًا قبل أي اتفاق سياسي طويل الأمد لإنهاء الحرب.*
*محمد ضياء الدين*
<الشبعان على الجوعان بطئ>، يقال هذا المثل عند تأخر المساعدة على الجائع المحتاج بقصد أو بغير قصد، وهو مثل يعبرعن واقع الحالة السودانية بعد أن أصبحت أخبار المجاعة والموت خاصة في الفاشر وكادوقلي والدلنج مجرد عناوين أخبار، حتى أن صور الأطفال الجوعي تمر على صفحات التواصل الإجتماعى كأي خبر عادي عابر، وبهذا كادت الأزمة الإنسانية أن تفقد تأثيرها على الناس، وتتحول إلى أمر مألوف ضمن ما ألفه الناس عن الحرب والتعايش مع تداعياتها المأساوية، بدلًا من أن تفرض الكارثة نفسها على الجميع.
الواقع أن الأوضاع المأساوية لم تعد تحتمل أي تأجيل أو مماطلة. خاصة مع توالى الأنباء عن بداية إنتشار الكوليرا في كادقلي وإنعدام الذرة، آخر ما كان متاح من غذاء.
كما تتزايد نسبة وفيات الأطفال في مستشفى الدلنج بسوء التغذية الحاد، في المقابل يعاني سكان حاضرة دارفور مدينة الفاشر شح مقومات الحياة بعد نفاذ آخر خزين للأمباز، وإنتشار الكوليرا في بعض ولايات دارفور، ولا حول ولا قوة الا بالله .
هذا الواقع الأليم يتطلب من الجميع أن يستعيدوا إنسانيتهم قبل فوات الأوان.
لهذا يتوجب دعم أي إتفاق يهدف إلى وقف فوري لإطلاق النار وفتح مسارات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية “الغذاء والدواء” كأولوية قصوى.
هذا الدعم يجب أن يكون غير مشروط ودون عوائق ومنفصل تماماً عن أي مفاوضات سياسية طويلة الأمد لإنهاء الحرب. الواقع على الأرض لم يعد يسمح بربط فتح المسارات باتفاق السلام النهائي، لأن كل يوم وكل ساعة تمر يعني المزيد من الأرواح التي تزهق بسبب الجوع والمرض، علماً أن للجوع تأثير على المدى الطويل، كما يؤثر كذلك على النمو المعرفي للأطفال، هذا غير الآثار النفسية والجسدية على الجميع .
إن إنقاذ الجوعى والمحاصرين بالقصف اليومي وبالأوبئة الفتاكة، لهو واجب إنساني لا يقبل أي مساومات سياسية أو تأخير.
من جهة أخرى يجب مضاعفة الضغط الداخلي على أطراف الحرب لمراعاة الوضع الكارثي. كما يجب على المجتمع الإقليمي والدولي، عبر مؤسساته المعنية، التحرك بجدية لفرض فتح المسارات الآمنة، وإرغام أطراف الحرب على القبول بها، حتى لو رفضوا وقف إطلاق النار بشكل كامل.
هذه المسألة يجب أن تُعامل كواجب أخلاقي وإنساني عاجل لا يمكن التنازل عنه.
إن أطراف الحرب وداعميها يتحملون المسؤولية الكاملة أمام الله وأمام التأريخ عن كل روح تزهق بسبب الجوع .
و”أمام الله تجتمع الخصوم”.

Leave a Reply