
كادوقلي: مراسل الهدف
#الهدف_تقارير
تحول الوضع في مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان إلى كارثة إنسانية، مما دفع أعدادًا كبيرة من السكان إلى الفرار لمناطق أخرى، حيث يواجهون خطر فقدان الغذاء والمياه النظيفة والدواء، في ظلّ الحصار وتوقف مراكز توزيع الغذاء “التكايا”.
الوضع في مدينة كادوقلي تفاقم بعد قطع الدعم السريع والحركة الشعبية طريق الإمداد من سوق “النعام” على الحدود بين السودان وجنوب السودان، عقب سيطرتهما على منطقة “أم عدارة” في أوائل أبريل الماضي.
وأبلغ عاملون في المجال الإنساني مراسل “الهدف” أن الوضع الإنساني المتدهور دفع أعدادًا كبيرة من السكان للنزوح. وقدّروا أن ربع سكان المدينة غادروها بالفعل، حيث يتجه معظم النازحين شمالًا نحو منطقة حجر الجواد، ومنها إلى دولة جنوب السودان، في حين نزح آخرون إلى ولايتي شمال كردفان والنيل الأبيض، بينما نزحت مجموعات أخرى إلى مناطق دلامي وكرتالا في جَنُوب كردفان.
وفي نهاية الشهر الماضي، أظهر تقييم لأوضاع 450 أسرة نازحة تقيم داخل كادوقلي، أجراه المجلس الدنماركي للاجئين، عدم قدرة 96% من المشاركين في التقييم على تلبية احتياجاتهم الأساسية بسبب فقدان الأصول، وغياب شبكات الدعم، وتدهور سبل العيش.
وأبلغت 54% من الأسر عن مخاطر تتعلّق بالحماية، مثل انعدام الأمن، والفصل الأسري، وعمالة الأطفال، فيما أفادت 74% من الأسر بوجود طفل يعاني من سوء التغذية، بينما تفتقر 64% من الأسر إلى المأوى.
يوضّح التقييم مدى تردي الأوضاع الإنسانية في المدينة، التي يقف سكانها في طوابير طويلة من أجل الحصول على كمية شحيحة من الذرة الرفيعة، من مخازن يتحكّم الجيش في آلية توزيعها، حيث قام الأخير بنقل جميع السلع التي يملكها عناصره من السوق الرئيسي إلى قاعدته العسكرية.
يذكر أن نساء نظمن احتجاجات على تزايد نطاق أزمة الجوع في كادوقلي، فاعتقل الجيش بعض المشاركات فيها قبل أن يطلق سراحهن لاحقًا؛ أعقبها اندلاع مواجهات مسلحة داخل السوق بين الجيش وعناصر جماعة مسلّحة مؤيدة له في النزاع القائم، وذلك بعد فتح أبواب المحال التجارية بالقوة والسماح للمواطنين بالاستيلاء على دقيق القمح والذرة.
ومن جهة أخرى، أصبحت المرافق الصحية غير قادرة على تقديم الحد الأدنى من الخدمات العلاجية، فيما توقفت جميع أنواع الفحوصات الطبية، كما انعدمت من مستشفى كادوقلي التعليمي، المرفق الرئيس في المدينة، المحاليل الوريدية، وأدوية الملاريا، والمضادات الحيوية، والمستلزمات الأساسية مثل المعقّمات والقطن الطبي، وهو ما يُعطّل تقديم الرعاية الأساسية حتى للحالات الطارئة.
الوضع المعيشي في المدينة أصبح أكثر سوءًا من ذي قبل، إذ يقف المواطنون في صفوف تمتد لأيام قد تصل لأسبوع أو أسبوعين من أجل الحصول على “ملوة” واحدة من الذرة الرفيعة من مراكز البيع التي تشرف عليها السلطات.
ويبلغ سعر الملوة في هذه المراكز نحو 12 ألف جنيه، بينما تصل في السوق السوداء إلى 30 ألف جنيه.
شهود عيان قالوا لمراسل الهدف إن بعض السكان اضطروا إلى تناول الحشائش البرية كغذاء، بدلًا من الوقوف في الصفوف لأيام من أجل الحصول على ملوة الذرة، التي لا تكفي في معظم الأحيان ليوم واحد فقط.
يذكر أن هناك أربع “تكايا” موزعة داخل أحياء المدينة المحاصرة، وهي مدعومة فقط من جهود وتبرعات أبناء المدينة المقيمين خارجها، وتقدم وجبة “بليلة الذرة باللوبيا” للفقراء والمحتاجين.
Leave a Reply