
خالد ضياء الدين
#ملف_المرأة_والمجتمع
(الاستعمار التركي)
عندما علم راشد بك أيمن بوصول جيش المهدي وتمركزه في جبال تقلي قرر إعداد جيش يفاجئ به الأنصار لإبادتهم والقضاء على الثورة المهدية في مهدها. حرص راشد بك على سرية التحرك وقام بمنع تداول الأخبار حتى لا تصل للمهدي، لكن كانت هناك امرأة تُبصر وتُحلل، وقد علمت بأمر إعداد ونوايا جيش الترك فما كان منها إلا أن خلعت نعلها ولبست نعلًا خشنًا يتحمل المشي مسافات طويلة وحزمت ثوبها قاصدة المشي مسافة تقدر بـ 120 كيلو في جُنْحِ الليل، متجاوزة خوفها من هوام الصحراء ووحوشها وانعدام الطعام والماء. رابحة بت حسن أو رابحة بت مرعي الكنانية وصلت للمهدي جريًا في ديسمبر من العام 1881 منهكة بعد صلاة الصبح، ووقفت أمامه قائلة: “جيتك من أهلي في جبل ‘كاز’ لأخبرك بأمر الترك وقائد جيشهم راشد بك أيمن مدير فشودة الذي عسكر بجيشه في منطقة جبل ‘فُنْقُرْ’ وقد أعد العدة للهجوم عليك”. مباشرة تحرك المهدي معتمدًا على معلومة رابحة الكنانية مُعدِّلًا خطته ليَكْمُنَ لجيش الترك المكون من 700 جندي و1000 مرتزق ليفاجئه بأنصاره في “غابة مراج” يوم 30 ديسمبر 1881 ليهزمهم شر هزيمة ويقتل قائد الجيش وضباطه ويأسر منهم أعدادًا كبيرة. هذا الانتصار الكبير هو الذي حقق فتحًا عسكريًا ومعنويًا للمهدي وأنصاره وكان بسبب بسالة “رابحة الكنانية” وإيمانها بتحرر بلدها وشعبها من الاستعمار. لم تكن رابحة الكنانية مجرد مصدر استطلاع كما ركزت كتب التاريخ، إنما استمرت مجاهداتها فكانت تقاتل مع الأنصار وتطبب الجرحى وشهدت معركة الأبيض مع بعض النساء المجاهدات المناضلات المقاتلات، ثم تحركت مع جيش الإمام المهدي حتى وصل مدينة أم درمان التي عاشت فيها بقية حياتها في منطقة “أبو روف” وقد تزوجت من أحد رجال الأنصار الخيرين وأنجبت منه وعاشت حتى بلغت من العمر نحو 100 عام لتنتقل بعدها إلى رحاب ربها في العام 1961 وشُيِّعَت في جمع غفير لتدفن في مقابر أحمد شرفي مخلدة أطيب ذكرى لأحفادها الذين يفخرون بها كما تفخر كل نساء السودان المناضلات بتزودهن من نبع نضال رابحة الكنانية وأمثالها من المناضلات.
Leave a Reply