
كتب: يوسف الغوث
“وطنا الزين لا تنضرّا لا تنعاق
تظل في حبك الواحد
حبيبين مافي بينا فراق
وطنّا حبيبنا رغم البيك هي الأشواق
حنيّنا إليك زين يا زين يظل دفاق”..
يظل العشق والحنين إلى الوطن حالة مضطربة لاضطراب حال المحبوب
وإن كان العشق ما بين السماء والأرض مدّ أشواق..
تبقى غيبوبة الأشواق حاضرة عندما تشرئب الأرواح في انجذاب روحي تتعلق فيه الأفئدة والقلوب عبر هيام وجداني غالباً ما يطفو على اللسان لاهجاً ومردداً اسم المحبوب بصوتٍ غير مسموع، ولحنٍ ايقاعيٍ مُختزل في ذاكرة حب الوطن (أنا سوداني)..
ثم تعتمل الحواس والنبضات وكل سكنات العشق والروح في شكل هلوسة انفعالية “حركية” مصحوبة ‘بحمار النوم” متحركة وباحثة عن وطن يغرق رويدًا رويدًا والجميع يحاول اقتطاع وأخذ ما يؤمِّن له رغد الحياة وحلو المعاش..
“كما انو العكار من طين
كمان من طين بجي الروّاق
صحيح انو البحر رايق
لكن السحاب قد ضاق
خبارو الريح شن سايق
وكت كبد التراب مشتاق”
تعقيدات بلادنا كثيرة ومتداخلة.. فانتشار السلاح وظهور أعداد كبيرة من الميليشيات بلغت أكثر من “107” ميليشيا قابلة للزيادة من أهم مهددات بقاء الدولة..
انتشار خطاب الكراهية والعنف والعنف المضاد وتفشي المخدرات والقتل على الهوية وبروز روح العصبية والتطرف وانحسار الروح الوطنية والقومية مهددات حقيقة تخصم من حالة التماسك في النسيج الاجتماعي الذي عرفت به بلادنا..
هذه الأمراض الاجتماعية تفشت وانتشرت وزادت بعد حرب “15” ابريل العبثية..
فالخطاب التعبوي للدولة بعد قيام الحرب كان طائفي وجهوي ومناطقي بامتياز.. الأمر الذي ساهم بشكل كبير في بروز ونشأة كمية كبيرة من الملايش والتي ساهم “أزلام” النظام السابق في صنعها وذلك حفاظاً على مصالحهم والمتمثلة بالعودة مرةً اخرى إلى كرسي الحكم والسلطة..
إن انشغال غالبية القوى السياسية الوطنية قد ترك الباب موارباً لعودة الاسلاميين مرةً أخرى إلى حكم البلاد..
فالملاحظ أن معظم كوادر القوى السياسية الوطنية قد تم تهجيرها قسرياً أو تخوينها أو تصفيتها كما يتم الآن لبعض لجان المقاومة وذلك تحت عناوين ومسميات مختلفة وذلك على غرار “من لا يقف مع معركة الكرامة فهو خائن” ولعل حرمان بعض قيادات وكوادر القوى الوطنية وتجريدهم من وثائق السفر ومن ثم العمل على إصدار قوائم تحظر دخولهم إلى بلادهم ومحاكمتهم تحت جرائم كيدية.. هو مؤشر يهدف إلى افقار الشارع وافراغه من قياداته الوطنية والحقيقية.. وبالنتيجة تمكين انصار النظام البائد من السيطرة على الشارع والانفراد به والعمل على تحييده من دوره الوطني والمتمثل في الضغط لإيقاف الحرب..
إن “بُعد” و “ابعاد” القوى الوطنية قد عمل على اتاحة الفرصة لتمريرِ كثيرٍ من الأمور والأشياء والتي تصب في إعادة النظام القديم ولكن بالاتجاه الآخر هذا الأمر فتح الباب واسعاً لتدويل قضية الحرب وما صاحبها من انتهاكات وفظائع لكثيرٍ من الدول، ولعل آخرها هو موضوع الرباعية والتي أظن أنها لن تصل إلى نتائج تمكنها من إيقاف الحرب وذلك لاعتبار أن الأمر خاضع لحسابات وتسويات تخص مصالح ومطامع “الرباعية” نفسها في كيفية الاستفادة إلى أقصى حدٍّ من بلد متشرذم ومتفكك وإنسانه منتهك إلى حدٍّ بعيد..
إذن فإن الذين يراهنون على “الرباعية” في حل أحداث الحرب القائمة في بلادنا يحتاجون إلى تقليل حجم التفاؤل بمقدار ما تسمح به الوقائع والأحداث والتجارب لدى كثيرٍ من دول الإقليم أو الجوار..
إن الرهان الحقيقي على إيقاف هذه الحرب العبثية يظل دوماً وأبداً في الاستمساك بخط الجماهير والتغلغل وسطها والعمل بقوة على استخراج طاقتها الكامنة وتفجيرها لخدمة الاستقرار والنماء وإيقاف الحرب في بلادنا..
عل صعيد متصل يظل تفعيل دور التحالفات الوطنية المنتجة من أهم المصدات التي يجب العمل عبرها لإيقاف وكسر موجات الاسلاميين، فتجربة ثورة ديسمبر المجيدة واستلهامها تعكس أهمية التحالفات إلى جانب الدور الجماهيري المتعاظم في التغيير..
إن ما يحدث في ميادين القتال على الصعيد القتالي من تغييرات وتحولات غالباً ما يستوجب وجود حراك سياسي يكون في حالة دعم واسناد للعمل العسكري.. وأظن أن حالة الانكماش والهزائم المتتالية لدي قوات الدعم السريع قد عجل بقيام حكومتهم “تاسيس” والتي أحسب أنها تسير في نفس طريق حكومة “9 يوليو” بجنوب السودان..
حيث تملك قوات الدعم
أراضٍ كثيرةٍ في كُلٌ من “كردفان، جبال النوبة، دارفور، وبعض من إقليم النيل الأزرق وحدود تبلغ حوالي “4٫700” كلم “حدود وجود قوات الدعم السريع من النيل الأزرق مروراً بالصحراء وانتهاءً بالمثلث” مع وجود مداخل في حوالي “5” دول..
اظن أن النموذج الليبي هو الاقرب لما يسمى بدولة تاسيس وهو امتداد طبيعي لفشل النخبة وغياب روح المسؤولية والوطنية و”ركوب الرأس” لدى الاطراف المتقاتلة..
لابُد من وقف لاطلاق النار وفتح المسارات الإنسانية ومن ثم السماح للعملية السياسية بالقيام..
أتوقع تصاعد كبير للعمليات العسكرية من جانب الدعم السريع وغالباّ ما تكون الضربات القادمة مؤلمة جداً ولها تأثيرات كبيرة.. لذلك لابُد من إيقاف هذه الحرب بأسرع ما يمكن وذلك تجنباً لفقد وتدمير ما تبقى من بني تحتية وازهاق لأرواح المواطنين..
أرضاً سلاح..
حمدتكم بالواقعة
والصاقعة جنب الصاقعة
مقدودة ما ليها راقعة
والدمعة صابة وناقعة
بشرتكم بالتوبة
والصبن لي الدامبوية
في الحلة دي ام كدوية
ما تقعدو شجرة موية..
Leave a Reply