
وادي حلفا – الهدف
#الهدف_تقارير
تتكسّر أحلام العودة الآمنة للسودانيين الفارين من جحيم الحرب عند أول نقطة عبور داخل الوطن. ففي مدينة وادي حلفا الحدودية، تحوّلت رحلة العودة إلى كابوس حقيقي، بسبب عمليات احتيال منظم تستهدف اللاجئين العائدين من مصر، تاركةً إياهم بلا مال، وبلا وسيلة مواصلات، وأحيانًا بلا مأوى.
شبكات احتيال تبيع الوهم
كشفت تحقيقات “الهدف” عن تورّط مكاتب سفريات وهمية تنشط في القاهرة والإسكندرية، تقوم ببيع تذاكر سفر مزيّفة تُوهم الركاب بأنها صالحة للوصول إلى مختلف الولايات السودانية. لكن ما إن تطأ أقدام العائدين أرض وادي حلفا، حتى يكتشفوا أن التذاكر بلا قيمة، وأن الحافلات أو المكاتب المتعاقدة لا وجود لها.
“دفعنا الثمن أكثر من مرة”
يقول المواطن (ع. ن)، الذي عاد مع أسرته من الإسكندرية لـ”الهدف”:“دفعت قيمة خمس تذاكر إلى أم درمان، لكنني صُدمت عند الوصول بعدم وجود أي حجز أو تنسيق. الآن، أعيش على أمل تحويل مالي من أحد الأقارب حتى أتمكن من السفر من جديد.”
أما السيدة (ف. أزرق)، التي عادت من القاهرة، فتقول لـ”الهدف”: “هؤلاء الناس لا يخافون الله. عندما ذهبت إلى قسم الشرطة لفتح بلاغ، وجدت عشرات الشكاوى المشابهة ضد مجهولين. جميعهم وقعوا في الفخ نفسه.”
فراغ مؤسسي وغياب للرقابة
في محاولة لفهم حجم المشكلة، تواصلت “الهدف” مع أحد أصحاب مكاتب الترحيل بوادي حلفا، فنفى أي علاقة بمكاتب القاهرة أو الإسكندرية، مؤكدًا:“نحن لا نحجز أو نرتب أي رحلات من مصر. دورنا يبدأ فقط بعد وصول المواطن إلى حلفا، حيث يدفع قيمة التذكرة مباشرة ويستقل الحافلة إلى ولايته.”
وتتزامن هذه الحوادث مع ضغوط اقتصادية هائلة أجبرت آلاف السودانيين على العودة، بعد تدهور قيمة الجنيه السوداني وارتفاع تكاليف المعيشة في مصر. لكن بدلًا من أن يجدوا الأمن، يقع كثيرون في مصيدة الفوضى والإهمال، حيث لا توجد جهة رسمية تتولى مسؤولية حماية العائدين أو تنظيم حركتهم داخل البلاد.
ويستحضر كثيرون من العائدين تجارب مريرة، من بينها ما حدث لبعض الأسر في الإسكندرية، الذين تعرضوا للاحتيال واضطروا للنوم في الشوارع بعد أن سلموا مفاتيح الشقق لأصحابها، على أمل العودة المؤكدة، فإذا بهم عالقون دون وجهة.
توصيات للحذر وتفادي الفخ
في ظل غياب الرقابة الحكومية، يوصي كثير من العائدين بضرورة شراء تذاكر السفر إلى وادي حلفا فقط، وتفادي شراء تذاكر داخلية من مكاتب غير موثوقة في مصر. وعند الوصول إلى حلفا، يمكن اختيار باصات محلية معتمدة، والدفع مباشرة قبل المغادرة، لتجنّب الوقوع في فخ الاحتيال.
أسئلة بلا إجابة
تطرح هذه المأساة الإنسانية تساؤلات حقيقية حول دور الجهات المسؤولة عن استقبال العائدين، وتقصيرها في ضمان الحد الأدنى من الأمن والخدمات لهم. من يتحمّل مسؤولية حماية هؤلاء اللاجئين؟ ومن يُعيد إليهم كرامة العودة التي كانوا يحلمون بها؟
Leave a Reply