
عصام حسن إبراهيم
#ملف_الهدف_الثقافي
أسماؤنا السودانية القديمة كانت صعبة التليين، عسيرة على “الدلع”!
ما ممكن تدلّع: بَلّة، الطريفي، أب جيبين، التجاني الخزين، عجبين، الزبير، أب كساوي، الصديق، فضل المولى، فتح الرحمن، عبد الجبار، عكاشة، الجنيد، تيراب، الريّح، حمد النيل، حسب الله، جبارة الله، تميم الدار، جبر الدار…
والأصعب، تفكّر تدلّع: التلب، عمسيب، الجاك، الجزولي!
حتى النسوان، كانت أسماؤهن خشنة ومهيبة:
ست النفر، الساتر الله، أم حقين، البتول، سكينة، التاية، نفيسة، النخيل، أم زين، بت الجقمتها.
وإذا كانت الأسرة “متحررة” شوية، بالكاد يسمونها “الصندلية”!
الراجل ذاتو كان معجب باسم أمه المحتشم، وتلقاه يحلف بيهو بفخر:
“أنا ولدك آآآ أم زين… أنا ولدك آآآ بخيتة!”
لكن أولاد الزمن ده؟ ممكن يقولوا شنو؟
“أنا ولدك يا عبُق؟”
“أنا ولدك يا رَنا؟”
“أهلاً يا حبوبة داليا!”
“حبوبتي ريري؟”
ما بتركب!
أسماء أولاد الأيام دي “مايعة”، تقول تقرّب تحطها في التلاجة عشان تجمُد وتبقى اسم رجال.
أسماء من حرفين أو تلاتة… ومع ذلك يلقوا ليها أسماء دلع فخمة:
هنو، ولي، مزوني، تموري، عموري، ندوري، أيموني، هنودي، هوبة…!
ناس زمان ديل حتى كعكهم كان “كعك رجال”!
تدخل الكعكة في خشمك وتسمع صوتها: كُرُم كُرُم!
تقرقش زي خروف بصقع في الجرة، أو كلب بيكدّ في عَظم!
أما كعك اليوم؟ تدخل القطعة في خشمك، تجي تلوكها…
تلقاها ساحت والتصقت باللثة، وما تعرف:
هل أكلتها؟ ولا ما كانت في قسمتك أصلاً؟
زمان، الواحدة كانت تلد من خمسة لعشرة!
ولو ربنا وسّع عليها، في نفس السنة تلد طفل، وتبدأ تجهيز حجر الأساس للطفل الجاي!
أحيانًا الراجل ذاته من كثرة الولادة، ما بعرف أولاده من بعض، ويسأل المرة:
“إنتِ آآآ الزينة، دحين الكبير ضيف الله ولا كرم الله؟”
فترد الزينة باستغراب:
“أجي يا راجل! شن جاب ضيف الله لكرم الله؟! أنا لما ولدت كرم الله، ضيف الله كان يا دوووب بيحبا! لكنهم الاتنين مولودين في نفس السنة المات فيها خالي عبد الرحمن.”
أما بنات الزمن ده؟ الواحدة تتوحم لحد ما ولدها يتخرج من KG2!
وتقول ليك: “لسّه قاعدة أتوحّم!”
والوحم شنو؟
وحم اليومين ديل ما عندو علاقة بالمحلية والعادات!
الواحدة متوحّمة على تفاح لبناني، زبيب إيراني، عنب إيطالي، أو مهند تركي!
وفي النهاية، الولد يطلع مايص، ولايص، ومرخرخ!
لكن وحم حبوباتنا؟ كان بسيط، سهل، ومتوفر:
واحدة تتوحم على طين البحر أو أم بقبق، يطلع الولد لايوق وعبيط.
أو تتوحم على ويكاب مرس، يطلع الولد بتاع مرايس وشطوط وكمونية!
“ونحن ناس عايشة على الكمونية والنية السليمة!”
أهلنا زمان كانوا حنينين ومتباشرين.
بكاهم شهر، وعرسهم شهرين.
ولو مات راجل المرأة، تتحبس عليهو تمانية شهور وعشرين يوم!
وشهر العسل؟
كان تلاتة شهور يعدّيها العريس في ضبّيح الخرفان!
أما أولاد الزمن ده؟
شهر العسل ما بزيد عن أسبوع، ويمكن أقل!
وفي الزمن “المايع” ده؟ حتى شطّتنا بقت مايعة وما بتحرق!
ونحن، شعب لو ما الشطة عملت في جوفو تح تح، ما بتهنّى بالأكل.
لكن الزمن ده زمن الكيتشاب والمايونيز!
وحتى كلابنا اتغيرت!
بقت مايعة، كسلانة، مسكينة، وما بتهوهو في زول!
تجي ماشي فوقها تقول ليك:
“هَوْ”، كأنها عاملالك مس كول!
يا حليل زمان، لما الكلاب كانت تسك الشفع وتشرط هدومهم!
أما الآن، الكلاب بقت مغضوب عليها، مهمّشة، ضالة، عايشة على هامش الحياة.
ولو نظّمت نفسها شوية؟
ممكن تدخل الغابة، تسكن في فندق، وتعمل ليها حركة تمرد، ويمكن تسمي نفسها:
“مليشيا”!
Leave a Reply