
امجد السيد
في زمن الحرب حيث تنفجر المدافع وتتناسل الفواجع تصبح الكلمة سلاحا لا يقلّ أثرا عن الرصاص وربما يفوقه ففي فضاءات التواصل الاجتماعي نحن لسنا في ميادين المعارك ولا نحمل بنادق أو مدافع لكننا نحمل أدوات أخرى لا تقلّ أهمية الحرف الفكرة والرأي الحر.
اليوم وأكثر من أي وقت مضى نحتاج إلى خطاب إعلامي جديد خطاب يتجاوز الخلافات الصغيرة ويركز على المعركة الحقيقية التي توحدنا جميعا هزيمة الاستبداد والكهنوت السياسي الذي يحاول فرض رؤية أحادية على شعب متعدد ومتنوّع.
عدونا واحد واضح لا لبس فيه قوى الاستبداد الديني والسياسي ومن يسير في فلكهم وكل قوى القمع التي تحاول أن تعيد إنتاج الاستبداد باسم الدين أو القوة المسلحة
لكن المؤسف أن معاركنا الجانبية أحيانا تمنح العدو أكثر مما تمنحه مدافعه ودباباته. نترك مساحات شاغرة في الفضاء الإعلامي فيملؤها بسمومه وأكاذيبه بينما نستنزف بعضنا في نقاشات هامشية لا تنفع الوطن ولا توقف الحرب.
في عالم الفضاء الرقمي أسلحتنا مختلفة مشاركة تعليق كتابة حظر تجاهل تفنيد، وحجة دامغة كل هذه أدوات سلمية لكنها حاسمة تمنحنا القدرة على هزيمة الأكاذيب وترسيخ قيم السلام والديمقراطية
ولأننا اخترنا هذا الملعب المدني فمن واجبنا أن نرتب صفوفنا أن نقف كتفا بكتف أن نملأ كل فراغ يخلفه تشتتنا لأن الطبيعة لا تعترف بالفراغ ومن يترك مساحات شاغرة يمنح خصوم الحرية فرصة للتوسع والتمدد.
لا خلاف على أن الطريق إلى نهاية الحرب سيمر في نهاية المطاف عبر حل سياسي سلمي تفاوضي شامل لكن ذلك الحل لن يُفرض من الخارج بل يُصنع داخليا من خلال وحدة الصوت الوطني المؤمن بوقف الحرب واستعادة مسار الثورة والديمقراطية هذه الوحدة تبدأ من هنا من توحيد خطابنا الإعلامي من الاتفاق على أولوياتنا المشتركة ومن إدراك أن المعركة مع الاستبداد أكبر من أن نهزمها ونحن متفرقون.
لقد علمنا التاريخ السياسي السوداني أن الاستبداد لا ينتصر إلا حين نختلف وأن الحرية لا تُبنى إلا على وحدة الصف والكلمة.
واليوم إذا كنا صادقين في مواقفنا ضد الكيزان وضد أي مشروع يهدد الوطن والمواطن فلنجعل من خطاب المرحلة أداة لردم الهوة بيننا ولنجعل من صوتنا الإعلامي الواحد سياجا يحمي مطالبنا ودرعا يسد الطريق أمام عودة الطغيان في ثوب جديد.
فالمعركة الحقيقية اليوم هي معركة الوعي ومن يربحها هو من يملك الكلمة التي توحد لا الكلمة التي تفرق ومن يبني إعلاما مواكبا يليق بأحلام السودانيين في وطن حر ديمقراطي آمن لا مكان فيه للاستبداد ولا لخطاب الحرب.
Leave a Reply