
بقلم: د. منال حسن مختار
#آراء_حرة
لا شك أن للتطور الفكري والفعلي والحركي في العالم أثره على مفهوم القوة السيادية واستخداماتها. وبفعل هذا التطور، اتسعت مضامين مفهوم القوة السيادية لتسع مضامين أخرى مثل السياسة والاقتصاد والثقافة والمجتمع… إلخ.
وفي كل هذه المضامين لا تُقاس القوة إلا بثقلها وتأثيرها، فوجود القوة وحدها لا يكفي بأن يكون قياساً. وثقل القوة يرتبط بتأثيرها، وتأثيرها يتوقف على الوعي والقدرة على تحويل مصادر القوة إلى طاقة مؤثرة، وهذا يعني أن مجرد امتلاك المصادر لا يعني امتلاك القوة.
وعلى ذكر مصادر القوة، فإن ذات المصادر وبما تحويه من عناصر تعتبر نقاطاً للقوة، وهي بطبيعة الحال متعددة منها الطبيعي والصناعي والمعنوي، وهي تتمثل في التالي:
أولاً: نقاط القوة الطبيعية. وتشمل الموقع الجغرافي والامتداد الفلكي والتضاريس والمناخ. والسودان لا شك يمتلك نقاط قوة متميزة في هذا الشأن بدءاً من الموقع الجغرافي المتميز والامتداد الفلكي الواسع الذي انعكس على اتساع المساحة وأضفى عليها صفة العمق الاستراتيجي… وتعدد أنواع المعادن والأقاليم المناخية وتعدد أنواع التربة وتنوع مصادر المياه.
ثانياً: نقاط القوة الصناعية. وتتمثل في توفر وتعدد موارد المواد الخام بنوعيها الزراعي والحيواني. فالسودان يمتلك قدرًا كبيرًا من المساحات الزراعية ونطاقاً حيوانياً واسعاً ومتعدداً، وهي نقاط إذا تم تحويلها لطاقة مؤثرة لجعلته في مصاف الدول الصناعية الكبرى، فضلاً عن سهولة تضاريسه التي تساعد على حركة النقل.
ثالثاً: نقاط القوة المعنوية. وهي تشمل نواحي متعددة مثل:
- التماسك الاجتماعي الذي يعزز الاستقرار.
- القيادة السياسية القادرة على اتخاذ القرار الصائب. فالرجال المحترفون للسياسة هم الذين يمثلون الأمة في أوقات السلم والح.رب، وهم الذين يصنعون السياسات التي تدعم الأمة وتصونها، وهم الذين يصوغون الرأي العام صياغة وطنية فعالة.
- الخصائص القومية التي تصنع الشخصية القومية والوجود القومي. وتتمثل أهمية الخصائص القومية في تأثيرها على ثقل الموازين السياسية عن طريق شحذ الروح المعنوية الوطنية ودعم وتدعيم الثقة.
- نوع الحُكم، فالخبرة في إدارة الشأن العام تجعل ليس في مقدور أي سياسة خارجية التدخل في الشأن الداخلي للدولة؛ لأن مفهوم القوة والسلطة في نوع الحُكم مفهومان يتضمنان بعضهما البعض، ويرتبطان بتحقيق الوحدة والتماسك.
- الدبلوماسية، وليس المقصود بها هنا المراسم والترتيبات والتمثيل بل المقصود بها (الحنكة) في المفاوضات والتنسيق بين المتناقضات، سيما وأن الدبلوماسية اليوم هي دبلوماسية المصالح.
- التعليم، والمقصود به التعليم المواكب للتطور في كافة المجالات والذي يمتلك التقنيات المطلوبة في كافة مجالات المعرفة.
وإذا نظرنا بعين البصيرة لما سبق من عناصر أو نقاط قوة، نجد أن السودان اليوم ومن واقع حاله لا يمتلك منها ما يجعله قادراً على فرض إرادته، فنقاط القوة الطبيعية تعاني من الإهمال والسرقة….. ونقاط القوة الصناعية عاجزة ومفتقرة….. ونقاط القوة المعنوية تتحدث عن نفسها، فلا تماسك اجتماعي يشير للوحدة والاتحاد فيها….. والقيادة السياسية مقهورة ومعنفة تقبع منذ أمد بعيد في المع.تقلات والس.جون…… والخصائص القومية عنوانها الخطاب العنصري والمحسوبية والمفاضلة….. ونوع حُكم منذ تاريخ الاستقلال شمولي ومستبد…… ودبلوماسية عقيمة ومعيقة…. وتعليم مريض ومتخلف عن مسيرة التطور….. وح.روب طاحنة ومدمرة.
وهذا هو واقع حال السودان على طاولة اجتماع واشنطن، واقع يشير إلى أن وفاضنا خالٍ من كافة نقاط القوة السيادية.
والسؤال: هل سيكون اجتماع واشنطن لتعافي ودعم نِقَاط قوة السودان وسيادته أم لتفريغه منها ومن ثم الانتقال للإملاءات والوصاية؟
# نسأل الله السلامة.
Leave a Reply