*ويسألونك عن أطباء وطبيبات بلادي*

(الطب مهنة كل حُر يبذل الجهدَ اجتهادًا… وكل محاربٍ في الطب يبقى على الأيام أكرمَنا جهادًا)

*محمد ضياء الدين*

كلمة حق يجب أن تُقال، ولكل مقام مقال، ولكل شكر قصيدة في حق أطبائنا وطبيباتنا، الذين كانوا دومًا في طليعة الصفوف، يجسدون أسمى معاني الإنسانية والتضحية في كل محنة تمرّ بها بلادنا. كانوا بحق، صمام الأمان الذي يحمي الأرواح ويعافي الجراح، في الكوارث الطبيعية، والأزمات الأمنية، وفي أزمنة الأوبئة الفتاكة.

لم تغب عن ذاكرة شعبنا تلك الأيام العصيبة لجائحة كورونا، حين ساد الهلع والخوف. في تلك اللحظات، تقدم أطباؤنا الشجعان، باذلين أرواحهم من أجل إنقاذ حياة المصابين. وقد فقدت البلاد آنذاك عددًا مقدّرًا من كوادرها الطبية في مختلف التخصصات، شهداء الواجب الذين سطروا أروع قصص البطولة والتضحية ونكران الذات.

ومع ويلات الحرب اللعينة، تجلّى المعدن الأصيل لأطبائنا وكوادرنا الطبية بذات الشجاعة المعهودة. رغم كل الصعاب، استمروا في تقديم خدماتهم الإنسانية في المستشفيات المتهالكة، التي تتعرض للقصف، وفي المعسكرات المكتظة بالنازحين، رغم الحصار وانقطاع الإمدادات والمعينات الأساسية. كانوا السند والعون، وتعرضوا للموت والإصابات، وواجهوا الاعتقالات والاعتداءات، لكنهم لم يتراجعوا  عن أداء واجبهم. هؤلاء هم أبناء وبنات بلادنا الشرفاء، الذين أثبتوا أنهم لا يتراجعون أمام الصعاب.

ولم يقتصر العطاء على من بقى داخل حدود الوطن، بل كان الأطباء، الذين أجبرتهم الحرب على اللجوء إلى دول الجوار على الموعد كذلك. لم يتخلوا عن رسالتهم، بل قدموا، فرادى ومجتمعين، كل ما يمكن، وسعوا إلى تحقيق المستحيل في سبيل مساعدة المرضى والمصابين. كانوا بحق، رسل الإنسانية، حاملين هموم وطنهم أينما حلّوا.

ولا ننسى الدور البطولي للمتطوعين من خارج الحقل الطبي، الذين قدّموا خدمات جليلة للمرضى والمصابين، وسعوا لتوفير الدواء والماء ودفن الجثامين في أوقات أمنية حرجة للغاية. لقد تعرضوا هم أيضًا للقصف والخطر، ولم يسلموا من الموت والاعتقالات والاتهامات، لكنهم صمدوا وواصلوا عملهم النبيل، ليثبتوا أن روح العطاء متجذرة في هذا الشعب.

إن أطباء السودان، والكادر الطبي، وكل من سار على دربهم من المتطوعين، هم فخر هذا الشعب العظيم، ورمز لصموده وقوته.

لكم منّا كل الشكر والتقدير، يا من تحملون على عاتقكم أمانة الأرواح ورتق الجراح، وتبعثون الأمل في أحلك الظروف.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.